أصدقائي الأعزاء، صباح الخير!
يسعدني أن تتاح لي هذه الفرصة لمقابلتكم: الطاقم الطبّي، وفريق الرعاية الصحيّة، والمساعدين، العاملين في مستشفى سانت لويس وفي مستشفيات ومراكز خيرية كاثوليكية أخرى. أشكر المدير على مقدّمته اللطيفة. إنها نعمة بالنسبة لي أن أشهد شخصيًّا على هذه الخدمة القيّمة التي تقدّمها الكنيسة لشعب تايلاند، وخاصة للمحتاجين. أحيّي بمودّة أخوات القدّيس بولس الشارتري وأشكرهم على التفاني الصامت والفَرِح في هذه الرسالة لسنوات عديدة. أنتنّ تسمحن لنا أن نتأمّل وجه الربّ الوالديّ الذي ينحني كي يدهن أبنائه ويقيمهم؛ شكرًا!
لقد سررت بكلمة المدير حول المبدأ الذي يغذّي روح هذا المستشفى: “حيث المحبّة، هناك يكون الله”. لأن المسيحيّين، في ممارسة المحبّة بالتحديد، هم مدعوّون، ليس فقط لإظهار أننا تلاميذ إرساليّون، ولكن أيضًا لإثبات تَلمذَتِنا للربّ وتَلمَذَة مؤسّساتنا: “الحَقَّ أَقولُ لَكم: كُلَّما صَنعتُم شَيئاً مِن ذلك لِواحِدٍ مِن إِخوتي هؤُلاءِ الصِّغار، فلي قد صَنَعتُموه” (متى 25، 40) يقول الربّ؛ تلاميذ إرساليّون في مجال الصحّة منفتحون على “أخوّة صوفية، تأمّلية، تعرف أن ترى عظمة القريب القدسيّة. وتكتشف الله في كلّ كائن بشريّ […] وبحثًا عن سعادة الآخرين، كما يفعل الله الآب الصالح” (الإرشاد الرسولي، فرح الإنجيل 92).
من هذا المنظور، إنكم تقومون بأحد أعظم أعمال الرحمة، لأن التزامكم في المجال الصحيّ هو أكثر من مجرّد ممارسة الطبّ. فلا يمكن أن ينحصر هذا الالتزام بالقيام ببعض الأعمال أو اتّباع برامج محدّدة، إنما يجب أن تتخطّوا ذلك، منفتحين على غير المتوقّع. قبول الحياة واحتضانها كما هي عند وصولها إلى قسم الطوارئ في المستشفى كي تلقى العلاج بتفانٍ مميّز، ينبع من الاحترام الواجب لكرامة جميع البشر ومحبّتهم. وتتطلّب عمليّات الشفاء أيضًا قوّة مسحة قادرة، في جميع الظروف التي يجب المرور بها، على إعادة نظرة تمنح الكرامة وتعضد.
أنتم جميعًا، أعضاء هذا الفريق العلاجي، تكونون تلاميذًا إرساليّين عندما تتعلّمون كيف تنادون المريض باسمه حين تنظرون إليه. أعلم أن خدمتكم قد تكون أحيانًا ثقيلة ومتعبة؛ فأنتم تتعايشون مع حالات صعبة للغاية وهذا يتطلّب أن يكون هناك من يرافقكم ويساعدكم في عملكم. ومِن هنا تكمن أهمّية القدرة على تطوير راعوية الخدمات الصحّية حيث لا يشعر المرضى فقط بل جميع أفراد هذه الجماعة، بأن هناك من يرافقهم ويدعمهم في رسالتهم. تعلمون أيضًا أن جهودكم وعمل المؤسّسات العديدة التي تمثّلونها هي شهادة حيّة للرعاية والاهتمام اللذَين علينا إظهارهما لجميع الناس، وخاصة لكبار السنّ والشبّان والأشدّ ضعفًا.
يحتفل مستشفى سانت لويس هذا العام بالذكرى المئة والعشرين لتأسيسه. كم من الأشخاص وجدوا تخفيفًا لآلامهم، وتعزية في أعبائهم ورفقة في وِحدتهم! فيما أشكر الله على هبة حضوركم طيلة هذه السنوات، أطلب منكم أن تجعلوا دومًا من هذه الرسالة، ومن رسالات أخرى مشابهة، علامةً وشعارًا لكنيسةٍ “في انطلاق”، ترغب في أن تعيش رسالتها، فتجد الشجاعة لتحمل محبّة المسيح الشافية لجميع المتألّمين.
في نهاية هذا اللقاء، سوف أزور المرضى والمعوّقين، فأستطيع بالتالي أن أرافق آلامهم ولو بقدر ضئيل.
نعلم جميعًا أن المرض يحمل معه دائمًا تساؤلات كبيرة. وقد يكون ردّ فعلنا الأوّل هو التمرّد بل وحتى لحظات من الاضطراب واليأس. إنها صرخة الألم ومن الطبيعي أن تكون كذلك: لقد عانى يسوع نفسه وصرخ؛ ونريد نحن أيضًا، عبر الصلاة، أن ننضمّ إليكم.
عندما نتّحد بيسوع في آلامه نكتشف قوّة قربه من ضعفنا وجراحنا. هي دعوة للتشبّث بحياته وبتضحيته. إذا كنّا نشعر أحيانًا بداخلنا “خُبزَ الضِّيقِ وماءَ الشِّدَّة”، نصلّي كي نجد أيضًا، في يد ممدودة، المساعدة اللازمة لنكتشف التعزية التي تأتي من الربّ الذي “لا يَتَوارى” (أش 30، 20) والذي هو قريب منّا ويرافقنا.
لنضع هذا اللقاء ونضع حياتنا في ظلّ حماية العذراء مريم، وتحت سِترِها. لتَعطُفَ نظرَها الرحيم عليكم، خاصّة في لحظة الألم والمرض وجميع أشكال الضعف. لتساعدكم بمنحكم نعمة رؤية ابنها في جراح الأشخاص الذين تخدمونهم.
أبارككم جميعًا وأبارك عائلاتكم. وأطلب منكم، من فضلكم، ألّا تنسوا بأن تصلّوا من أجلي.
شكرًا جزيلًا.
***********
© جميع الحقوق محفوظة – حاضرة الفاتيكان 2019
© Copyright – Libreria Editrice Vaticana