Discours Au Mémorial Du Bombardement Atomique De Nagasaki, Japon © Vatican Media

البابا في ناغازاكي: نحن لسنا مدعوّين إلى الموت بل إلى الحياة بالملء

كلمة البابا خلال تكريم القدّيسين الشهداء – نصب الشهداء

Share this Entry

أيها الإخوة والأخوات الأعزّاء، صباح الخير!

كنت انتظر هذه اللحظة بفارغ الصبر. فقد أتيت كحاجّ لأصلّي، وأثبّت بالإيمان، وأثبت أنا أيضًا بإيمان هؤلاء الأخوة، الذين يدلّونا بشهادتهم وتفانيهم على الطريق. أشكركم على ترحيبكم.

إن هذا النصب يعرض صور وأسماء المسيحيّين الذين استشهدوا منذ سنوات عديدة، بدءًا من بابلو ميكي ورفاقه، في 5 فبراير/شباط 1597، وإلى عدد كبير من الشهداء الآخرين الذين قدّسوا هذا المكان بمعاناتهم وموتهم.

ودون شكّ، إن هذا النصب يحدّثنا عن انتصار الحياة أكثر منه عن الموت. لقد رأى القدّيس يوحنا بولس الثاني هذا المكان ليس فقط كجبل الشهداء، بل كجبل تطويبات حقيقيّ، حيث يمكننا أن نلمس شهادة رجال ملأهم الروح القدس، وقد تحرّروا من الأنانيّة والراحة والكبرياء (را. الإرشاد الرسولي افرحوا وابتهجوا، 65). لأن نور الإنجيل قد تألّق هنا في المحبّة التي انتصرت على الاضطهاد والسيف.

هذا المكان هو أوّلًا وقبل كلّ شيء نصب تذكاريّ يعلن الفصح، لأنه يعلن أن كلمة الفصل -رغم كلّ الأدلّة المخالفة- ليست للموت بل للحياة. فنحن لسنا مدعوّين إلى الموت بل إلى الحياة بالملء؛ وهم قد أعلنوا ذلك. أجل، هناك ظلام الموت والشهادة، ولكن ضوء القيامة يُعلن أيضًا، حيث يتحوّل دم الشهداء إلى نواة الحياة الجديدة التي يريد يسوع أن يمنحها لنا جميعًا. إن شهادتهم تثبّتنا في الإيمان وتساعدنا على تجديد تفانينا والتزامنا، كي نعيش تلمذة إرساليّة تعرف كيف تعمل من أجل ثقافة قادرة على حماية كلّ حياة والدفاع عنها على الدوام، من خلال “شهادة” الخدمة اليومية والصامتة المقدّمة للجميع، ولاسيّما للأكثر احتياجًا.

جئت إلى هذا النصب التذكاريّ للشهداء كي ألتقي بهؤلاء الرجال والنساء القدّيسين، وأريد أن ألتقي بهم عبر صِغرِ ذاك الشابّ اليسوعي الذي جاء من “أقاصي الأرض”، ووجد مصدرًا عميقًا للإلهام والتجديد، في تاريخ أوّل شهداء يابانيّين. لا ننسينّ محبّة تضحياتهم! لا يجب أن تبقى مجرّد ذخيرة مجيدة من أفعال الماضي، نحتفظ بها ونكرّمها جيّدًا في أحد المتاحف، بل ذكرى ونار حيّة لروح كلّ إرساليّ على هذه الأرض، قادرة دائمًا على تجديد وإشعال حماسة التبشير. أتمنّى للكنيسة في يابان اليوم، مع كلّ صعوباتها ووعودها، أن تشعر بالدعوة للاستماع كلّ يوم إلى الرسالة التي أعلنها القدّيس بابلو ميكي من صليبه، ولمشاركة كلّ الرجال والنساء بفرح وجمال الإنجيل، الذي هو الطريق والحقّ والحياة (را. يو 14، 6)؛ عسى أن نتحرّر يوميًّا من كلّ ما يثقل علينا ويمنعنا من المسير بتواضع وحرّية وصدق ومحبّة.

أيها الإخوة، إننا نتحّد أيضًا في هذا المكان، بالمسيحيّين الذين، في أجزاء كثيرة من العالم اليوم، يعانون ويستشهدون بسبب إيمانهم. شهداء القرن الحادي والعشرين الذين يستحثّوننا بشهادتهم لأن نسلك بشجاعة درب الطوبى. دعونا نصلّي من أجلهم ومعهم، ولنرفع الصوت كيما تضمن الحرّية الدينية للجميع وفي جميع أنحاء الكوكب، ولنرفع صوتنا أيضًا ضدّ كلّ تلاعب بالأديان من قِبَلِ “سياسات التَّعَصُّبِ والتَّفرِقةِ، التي تَعبَثُ بمَصائِرِ الشُّعُوبِ ومُقَدَّراتِهم، وأَنظِمةُ التَّرَبُّحِ الأَعْمَى، والتَّوَجُّهاتُ الأيدلوجيَّةِ البَغِيضةِ”[1].

لنسأل السيّدة العذراء، سلطانة الشهداء، والقدّيس بابلو ميكي ورفاقه الذين حدّثوا عبر التاريخ بعجائب الربّ، أن يتشفّعوا بأرضكم وبالكنيسة جمعاء، كيما توقِظ شهادتُهم فرحَ الرسالة وتحفظه.

***********

© جميع الحقوق محفوظة – حاضرة الفاتيكان 2019

 


[1] Documento sobre la fraternidad humana, Abu Dabi, 4 febrero 2019.

 

Share this Entry

Staff Reporter

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير