17. “فتَنَبَّهوا لأَنفُسِكم ولِجَميعِ القَطيعِ” (رسل 20، 28)
خدمة بولس في أفسس ووداع الشيوخ
أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، صباح الخير!
تستمر رحلة الإنجيل في العالم بدون توقف في سفر أعمال الرسل، وتمر عبر مدينة أفسس موضحةً معنى الخلاص فيها. بفضل بولس، نال حوالي اثنا عشر رجلاً المعمودية باسم يسوع واختبروا حلول الروح القدس الذي ولدهم ولادة ثانية (را. رسل 19، 1-7). وأتى بولس معجزات كثيرة غير مألوفة، فشفى المرضى وأخرج الأرواح الشريرة من كثيرين. (را. رسل 19، 11-12). حدث كل هذا لأن التلميذ مثل معلمه (را. لو 6، 40) فجعله حاضرًا في إخوته الذين أشركهم في الحياة الجديدة نفسها التي تلقاها بولس من معلمه.
إن قوة الله التي تدفقت في أفسس كشفت عن أولئك الذين أرادوا استخدام اسم يسوع لطرد الأرواح الخبيثة ولكن دون أن يمتلكوا السلطة الروحية للقيام بذلك (را. رسل 19، 13-17)، وكشفت عن ضعف كل الأساليب السحرية، التي تخلى عنها عدد كبير من الناس الذين اختاروا الإيمان بالمسيح (را. رسل 19، 18-19). كان ذلك انقلابًا حقيقيًّا في مدينة، مثل أفسس، التي كانت مركزًا مشهورًا بممارسة السحر! وهكذا بين لوقا عدم التوافق بين الإيمان بالمسيح والسحر. إذا اخترت المسيح، فلا يجوز لك بعد ذلك اللجوء إلى الساحر: الإيمان هو أن تستسلم بثقة في يدي الله الجدير بالثقة، والذي لا يُعرِّف نفسه من خلال الممارسات الغامضة، بل بالوحي والمحبة المجانية. لربما واحدًا منكم سيقول لي: نعم، هذا السحر هو شيء قديم: اليوم، مع المسيحية المدنية، لا يحدث هذا”. لكن كونوا حذرين! أنا أسألكم: كم منكم يذهب للحصول على بطاقات السحر، كم منكم يذهب عند المنجمين لقراءة اليدين أو لقراءة البطاقات؟ حتى اليوم، في المدن الكبرى، يقوم المسيحيون، الذين يمارسون صلواتهم، بهذه الأشياء. والسؤال هو: “لماذا؟ إذا كنت تؤمن بيسوع المسيح، فهل تذهب إلى الساحر، وإلى المنجم، وإلى كل هؤلاء الناس؟” هم يقولون: أنا أؤمن بيسوع المسيح ولكن من أجل طرد العين الشريرة أذهب إليهم أيضًا”. من فضلكم: السحر ليس أمرًا مسيحيًا! هذه الأشياء التي يتم القيام بها لتكهن بالمستقبل أو لتكهن بالعديد من الأشياء أو لتغيير أوضاع الحياة هي أمور ليست مسيحية. نعمة المسيح هي التي تجلب لك كل شيء: صلّي وتوكّل على الرب.
أضر انتشار الإنجيل في أفسس بتجارة صائغي الفضة- مشكلة أخرى-، الذين كانوا يصنعون تماثيل الآلهة أَرطَميس، جاعلين من هذه الممارسة الدينية تجارة حقيقية لهم. أطلب منكم أن تفكروا في هذا. عندما رأوا تراجعًا في تجارتهم التي كانوا يجنون منها ربحًا كثيرًا، نظم صُنّاع التماثيل ثورة على بولس، واتهموا المسيحيين بأنهم سببوا أزمة لهذه الفئة من الصنائعيين، ولهيكل الإلهةِ أَرطَميس وعبادتها (را. رسل 19، 23-28).
ومن ثم، رحل بولس من أفسس متوجهاً إلى أورشليم فوصل إلى ميليطِش (را. رسل 20، 1-16)، وهناك استدعى شيوخ كنيسة أفسس- الشيوخ: الذين سيكونون كهنة – ليعطيهم بعض النصائح “الرعوية” (را. رسل 20، 17-35). نحن في نهاية الخدمة الرسولية لبولس ولوقا يقدم خطابه الوداعي، وهو نوع من الوصية الروحية التي يوجهها الرسول، بعد رحيله، إلى أولئك الذين سيتعين عليهم قيادة الجماعة في أفسس.وهذه واحدة من أجمل صفحات سفر أعمال الرسل: أنصحكم أن تأخذوا اليوم العهد الجديد، الكتاب المقدس، الفصل العشرون وأن تقرؤوا وداع بولس من قبل شيوخ أفسس، الذي حدث في ميليطِش. إنها طريقة لفهم كيف يودع الرسول وأيضًا كيف يجب على الكهنة اليوم أن يودعوا وأيضًا كيف يجب على جميع المسيحيين أن يودعوا. إنها صفحة جميلة.
في الجزء التعليمي، شجّع بولس مسؤولي الجماعة، وهو عارف أنه يراهم للمرة الأخيرة، وهكذا قال لهم: “تَنَبَّهوا لأَنفُسِكم ولِجَميعِ القَطيعِ”. هذا هو عمل الراعي: التنبه، أن يتنبه لنفسه وللقطيع. يجب أن يتنبه الراعي، يجب على الكهنة أن يتنبهوا، ويجب على الأساقفة والبابا أن يتنبهوا. التنبه لحراسة القطيع، وكذلك التنبه لأنفسنا، وفحص الضمير ومعرفة كيف يتم إنجاز هذا العمل المتنبه. “تَنَبَّهوا لأَنفُسِكم ولِجَميعِ القَطيعِ الَّذي جَعَلَكُمُ الرُّوحُ القُدُسُ حُرَّاساً لَه لِتَسهَروا على كَنيسَةِ اللهِ الَّتي أكتَسَبَها بِدَمِه” (رسل 20، 28) هكذا يقول القديس بولس. طلب من الأساقفة أن يكونوا دائمًا قريبين من القطيع، الذي فداه يسوع المسيح بدمه الثمين، وأن يكونوا مستعدين للدفاع عنه من “الذئاب” (آية 29). يجب على الأساقفة أن يكونوا قريبين جدًا من الشعب من أجل حراسته والدفاع عنه وليس الانفصال عنه. بعد أن عهد بولس بهذه المهمة إلى مسؤولي أفسس، وضعهم في يد الله وأوكلهم إلى “كَلِمَة نِعمَتِه” (آية 32)، التي هي الخميرة لكل نمو ومسار قداسة في الكنيسة، ودعاهم إلى العمل بأيديهم، مثله، حتى لا يكونوا عبئًا على الآخرين، وإلى مساعدة الضعفاء وإلى عيش هذه الخبرة أن “السَّعادَةُ في العَطاءِ أَعظَمُ مِنها في الأَخْذ” (آية 35).
أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، لنطلب إلى الرب يسوع أن يجدد فينا محبة الكنيسة ووديعة الإيمان التي تحفظها، وأن يجعلنا جميعاً شركاء في مسؤولية رعاية القطيع، فندعم الرعاة في الصلاة حتى يُظهروا قوة الراعي الإلهي وحنانه.
* * * * * *
قراءة من سفر أعمال الرسل (20، 32- 35)
“والآنَ أَستَودِعُكُمُ اللهَ وكَلِمَةَ نِعمَتِه وهُو القَادِرُ على أَن يَشيدَ البُنْيان ويَجعَلَ لَكمُ الميراثَ مع جَميعِ المُقَدَّسين. ما رَغِبتُ يَومًا في فِضَّةٍ ولا ذَهَبٍ ولا ثَوبٍ عِندَ أَحَد، وأَنتُم تَعلَمونَ أَنَّ يَدَيَّ هاتَينِ سَدَّتا حاجَتي وحاجاتِ رُفَقائي وقَد بَيَّنتُ لَكم بأَجْلى بَيان أَنَّه بِمِثْلِ هذا الجَهْدِ يَجِبُ علَينا أَن نُسعِفَ الضُّعَفاء، ذاكرينَ كَلامَ الرَّبِّ يسوعَ وَقَد قالَ هو نَفْسُه: ((السَّعادَةُ في العَطاءِ أَعظَمُ مِنها في الأَخْذ)).”
كلام الربّ
* * * * * * *
Speaker:
في إطارِ تعاليمِهِ حوْلَ “المسيرةِ” الإنجيليِّةِ التي يرويها سِفرُ أعمّالِ الرُّسُل، توَقَّفَ البابا اليَومَ عند الأحداثِ التي عاشَها بولسُ موضحًا بذلك أن كل مبشر بالإنجيل هو رسالة على هذه الأرض لينير ويبارك ويحيي ويقيم ويشفيَ ويحرّر. لذلك استمر بولس في أفسس في التبشير ودون توقف محدثًا انقلابًا حقيقيًا في هذه المدينة التي كانت مركزًا مشهورًا بممارسة السحر، وقد أخذ الكثير من الناس يتخلون عنها بعد أن اختاروا الإيمان بالمسيح. وفي ميليطِش استدعى شيوخ كنيسة أفسس ليعطيهم بعض النصائح “الرعوية” التي عاشها ذاكرًا خدمته المتواضعة والمحن التي تحمّلها وأنه لم يوفر جهدًا حتى يأتي بالآخرين إلى الإيمان، وأنه كان مستسلمًا بثقة للروح القدس الذي قاده في العالم. كما وشجعهم أن يكونوا دائمًا قريبين من القطيع، وأن يكونوا مستعدين للدفاع عنه. ودعاهم أن يعملوا بأيديهم حتى لا يكونوا عبئًا على الآخرين، وإلى مساعدة الضعفاء فيعرفوا ما معنى أن “السَّعادَةَ في العَطاءِ أَعظَمُ مِنها في الأَخْذ”. وفي نهايةِ كلمتهِ دعانا قداسةُ البابا لأن نطلب إلى الرب يسوع أن يجدد محبتنا للكنيسة ولوديعة الإيمان، وأن يجعلنا جميعًا شركاء في مسؤولية رعاية القطيع، فندعم الرعاة في الصلاة حتى يُظهروا قوة الراعي الإلهي وحنانه.
* * * * * *
Santo Padre:
Rivolgo un cordiale benvenuto ai pellegrini di lingua araba, in particolare a quelli provenienti dalla Terra Santa, dall’Egitto e dal Medio Oriente. Vi invito all’inizio dell’Avvento a sperimentare che «si è più beati nel dare che nel ricevere», e che Dio ama chi dona con gioia. Il Signore vi benedica tutti e vi protegga sempre dal maligno!
* * * * * *
Speaker:
أرحبُ بالحاضرينَ الناطقينَ باللغة العربية، وخاصةً القادمينَ من الأراضي المقدسة ومن مصر ومنَ الشرقِ الأوسط. أدعوكم مع بداية زمن المجيء إلى عيش خبرة أنَّ السعادةَ في العطاء هي أعظمُ منها في الأخذ، وإنَّ اللهَ يُحِبُّ مَن يعطي مُتَهَلِّلاً. ليُبارِكْكُم الربُّ جميعًا ويَحرُسْكُم دائمًا من الشرير!
***********
© جميع الحقوق محفوظة – حاضرة الفاتيكان 2019
© Copyright – Libreria Editrice Vaticana