هكذا نحيا الميلاد
أن نقف جنباً إلى جنب مع الفقير والشريد والمحروم والمتروك
ونناضل معانقين المحبة والعدالة، لكي نمحو أسباب وجذور الفقر
رافضين العنف والاتجار بالبشر علناً وخفية وتسويقاً.
إن كنت مسيحياً فتفضّل إلى حقل الرسالة وابدأ بتغيير نفسك أوّلاً، بسلوك درب الإنجيل، لا لكي تتلقّن تعاليمه فقط، بل لكي تعيشه بعمق ونزاهة واستقامة، فتحيا وصيّة الوصايا المحبة، لا الرومانسية البعيدة كل البعد عن واقع الإنسان، بل المحبة التي تتحسّس قلق الإنسان وتشعر وتتعاطف مع قضيّته وتعمل على التضامن معه إذ تسعى جاهدة إلى مساعدته في كيفية عيش حياة كريمة تكفل له متابعة الحياة بفرح ومحبة ومسؤولية.
فلنتذكّر أنّ الميلاد ليس مناسبة مخصصة مرّة في السنة من أجل الاهتمام بالفقراء أو لتُجمع فيه التبرعات وتُصنع المآدب لإطعام المشرّدين مرة واحدة…. فهذا ربما… يكون إيجابياً، ولكنّ الخبرة تدلّ على أنه فيه الكثير من سلبيات جسام، خاصة الترويج لدعاية الأنا التي تسقط في محبة مجبولة بالرياء.
لا، المحبّة ليست موسميّة أو فصليّة أو يعيشها الإنسان مرّة في السنة…. الميلاد هو اتجاه قلب طائع نحو الله وجهوزية داخلية تجاه متطلّبات الإنجيل وموقف نبوي نتّخذه في الواقع الذي نحياه؛ فعلى الميلاد إذاً أن يقلق راحتنا ويقضّ مضجعنا. عليه أن ينتزعنا من على صهوة كبريائنا ليطرحنا على أرض التواضع والوداعة، على غرار ما حدث مع شاول؛ عليه أن يُسائلنا عن حقيقة الإيمان الذي نحياه في تفاصيل حياتنا وعن نوعية التزامنا بقضايا الإنسان والعائلة، ولاسيّما قضيّة الفقر والبؤس والترف والبذخ والبخل والحرمان والإسراف والتخلّف والفساد الخ…
تقتضي مسلكية الميلاد أن يتجدّد فينا النضال الروحي الحقيقي في حياتنا المسيحية، فنعانق المحبة فنتساعد في القضاء على كافة أشكال وأنواع الفقر، لاسيما الفقر من الله والقيم والمبادئ الروحية والإنسانية والوطنية، وذلك بروح المحبة في الحقيقة، الذي يمكّننا من عيش الإنجيل في الممارسة اليومية على كافة الأصعدة، كالحياة السياسية والاقتصادية والرعوية والمؤسّساتية والاجتماعية والوطنية.
وأخيراً، الميلاد هو حركة ثورية، تنطلق من أبدية المحبة فتتجلّى في مزود من لحم، يجعل الذات عطية مجانية، لكلّ إنسان يبحث عن الحقيقة (راجع، لو ٢: ١- ٦).
هكذا نحيا الميلاد فِكراً وعقلاً وقلباً وشعوراً، وقوّة وإرادة وعملاً.