في ختام هذا العام لا بد من مراجعة الذات والعودة بشريط الذكريات إلى كلّ أحداثها التي مررنا بها، ونطلب الغفران من كلّ إنسان أخطأنا إليه في السنة الماضية. ومن ناحية أخرى لا بدّ ترك الأمور السلبيّة التي قمنا بها واستعادة الذكريات الجميلة والأمور الإيجابيّة التي أنجزناها لكي ما يتمّ تعزيزها في العام المقبل.
نحن في عصر السرعة، حيث تسيطر المادّة والمصلحة على العلاقات بين البشر أكثر من الروحانية والخير العام. وعلاقة الود والطيبة والصداقة والمحبة الحقيقية أصبحت نادرة. لذلك، من الأهمّيّة في هذا السياق أن نجدّد العلاقات الشخصيّة مع بعضنا البعض ضمن العائلة الواحدة ومع الأصدقاء. ومن هنا لا بدّ من أن نقلّل من الوقت الذي نقضيه في متابعة الهاتف الخلويّ وفي تفقّد الرسائل على وسائل التواصل الاجتماعيّ من فيس بوك وواتسآب وغيرها، وبدلاً من ذلك أن نخصّص وقتًا أكثر لبعضنا البعض لكي نقوّي علاقة المحبّة ونعمّق الصداقة والمودّة مع الآخر.
من خلال مطالعتنا للكتاب المقدس نلاحظ أنّه في إنجيل يوحنا، في الفصل الحادي والعشرين، يسأل السيد المسيح القديس بطرس، ثلاث مرات، “أتحبني؟” فيجيبه ثلاث مرات: “نعم يا رب إني احبك!”، الغاية من التكرار هنا للتأكيد والتشديد على الفكرة. والهدف هو التأكيد على الثبات على مبدأ المحبة، وألا يتراجع عن كلمته عندما يتعرّض للمواقف الصعبة والمشاكل. وبالرغم من كلّ ذلك نلاحظ أنّ السّيّد المسيح في طريقه إلى الآلام قد تخلّى عنه أصدقاؤه، والقدّيس بطرس أنكره بعد أوّل تجربة ولكنّه بعد ذلك ندم وتاب. هذا الموقف هو تجسيد وانعكاس لصورة البشريّة الضعيفة التي تسقط في التجارب المختلفة، وهي بحاجة توبة وعودة لله.
من هنا لا بدّ اليوم من التركيز على قيمة الأسرة وأهمّيّة دور الأب والأم في التربية والتعليم وتقدير التضحيات التي يقومان بها من أجل الأبناء وتنميتهم.
والتطبيق العملي في حياتنا لهذه الفقرة هو عندما نطرح السؤال على أنفسنا أوّلًا ومن ثمّ على بعضنا البعض، ولا نخجل من أن نعبّر عن مشاعرنا ومحبّتنا واهتمامنا بعضنا ببعض. واليوم، السؤال موجّه من الزوج لزوجته والوالد والأم لأبنائه وبناته والصديق لصديقه: “أتحبني؟” والجواب كلّ شخص يجيب: نعم يا زوجتي أنا أحبّك! نعم يا زوجي، يا ابي ويا أمّي، يا ابنتي ويا بنيّ… إني أحبك.
ما أحوجنا في هذه الأيام أن نشدّد على المحبة والعلاقة الشخصية فيما بيننا، وعلى التضحية للحفاظ عليها لأنّها هي التي تقوّي الوحدة والتلاحم بين أفراد الأسرة الواحدة.
في الختام، أتمنى للجميع سنة 2020، سنة خير وبركة، راجيًا أن تحمل في طيّاتها المحبّة والخير والسلام. وكلّ عام وأنتم بألف خير.
الارشمندريت الدكتور بسام شحاتيت
النائب الأسقفي العام
مطرانية الروم الملكيين الكاثوليك