ماذا تقول الرسالة؟
١- ترحيب بالقادة
“الى جميع الحكام والقناصل، والقضاة، والقادة، على الأرض كلّها، والى جميع الآخرين، الذين ستصل إليهم هذه الرسالة، الأخ فرنسيس، خادمكم الصغير، في الرب الإله، والمُحتَقر، يتمنى لكم الصحة والعافية”.
٢- التجربة التي يتعرض لها الحكام
“اعتبروا وتأملوا أن يوم الموت يقترب. أرجوكم، أذا، باحترام، كما أستطيع، ألا تنسوا الرب، وألاّ تحيدوا عن وصاياه، بسبب ما تواجهون من هموم هذا الدهر ومشاغله، فإن جميع الذين يسنونه، ويحيدون عن وصاياه، هم ملعونون، وسينساهم هو أيضا. وعندما سيحل يوم الموت، سيُسلب منهم ما كانوا يظنون أنه لهم. وبقدر ما كانوا حكماء، وأقوياء في هذا الدهر، ستكون كبيرة العذابات التي سيُقاسونها في جهنم”.
٣- مهمة تجسيد قيم وفضائل الإنجيل في الحياة الإجتماعيّة
“لذا، أنصحكم، بحزم، يا أسيادي، بأن تضعوا جانبا كلّ همّ وانشغال، وبأن تتناولوا جيّدا جسد ربنا يسوع المسيح ودمه، الكُلي القداسة، لذكره المقدس. ووسط الشعب، الذي أوكل إليكم، قدّموا إكراما كثيرا للرب، بحيث يُعلن كل مساء، بواسطة مناد، أو بأية إشارة أخرى، لكل الشعب، أن عليه أن يقدّم للرب الإله، الكُليّ القدرة، التسبيح والشكر. وإن لم تفعلوا ذلك، فاعلموا أن عليكم أن تؤدوا حسابا يوم الدينونة، للرب إلهكم، يسوع المسيح.
وليعلم من يبقون هذه المدوّنة ويحفظونها، أن الرب الإله يباركهم”.
نستجلي من هذه الرسالة بعض العناصر التي تصلح لزمننا الحالي الذي يعاني شحّا رهيبا في القيم المسيحية وضعفا خطيرا على صعيد ممارستها في عالم السياسية والاقتصاد.
– تُعدّ مهمة قيادة الشعوب بحسب القديس فرنسيس رسالة جليلة وسامية بامتياز، ولكي تنجح، فهي بحاجة ماسة الى قادة مسيحيين ملتزمين بثقافة الإنجيل تّلهمهم كلمة الرب وتعاليم الكنيسة. هل هناك من عظمة عندما يصبح المسؤول أداة ووسيلة لله يعمل على تقديس الحياة والعائلة والحد من انتشار ظاهرة الفقر والبطالة، وانصاف المساكين واليتامى والأرامل، وإحقاق الحق وصيانة الدستور ؟ .
– على الحاكم والقاضي والرئيس والوزير والنائب والمسؤول والمحافظ… والقواد والحراس إلخ، ان يحوزوا على حياة روحية حقيقيّة صحيحة صادقة شفّافة تُنمي فيهم فضائل الانجيل لكي تترسّخ في مسلكياتهم الاخلاقية قرارات جريئة تفضي الى اعلان الحقيقة بمحبة وتواضع تصونهم من الانحرافات الأخلاقية والأفكار النسبوية والبراغماتية والديماغوجية والغوغائية والتسلطيّة القمعية الخ…
– ان تكون حياة المسؤول شهادة صحيحة ليسوع المسيح ومؤثرة عابقة برائحته، متحررة من ذهنيات الفساد والقتل والسرقة والغش والرشوة والتزوير وخيانة الأمانة والصفقات المشبوهة، والتلاعب بالقوانين، والكذب، والتحريض واثارة الفتن والنعرات الطائفية والمذهبية، واضعاف الأخلاق والقيم والمبادئ العامة إلخ. فالمسؤول المسيحي، هو الشاهد والقدوة في عيش الانجيل امام شعبه… لان الازدواجية مرض قاتل يقتل نفسه فيحدرها بقرار منه إلى جهنهم…
وفي الختام
يدفعنا همّ القديس فرنسيس الى بناء مدينة الارض، وفق منطق التطويبات. فلا يمكن أن يبنى السلام والحاكم تتتازعه، رغبات الانتقام والثأر والغضب والتشبص بالرأي والعناد والمساومات الخطيرة والتلاعب بالأمن الاجتماعي والاقتصادي والاخلاقي…
“فماذا ينفع الإنسان إن ربح العالم كله وخسر نفسه؟ ”
(متى ١٦: ٢٦)