نعلم جميعاً، بأن المدرسة هي البيت الثاني لأي طالب حيث يقضي بها أغلب وقته، إنه المكان الذي يتعلم من خلاله المهارات المختلفة والضرورية التي سيحتاجها لتحقيق النجاح في هذه الحياة، ولذلك بات تطبيق الاستراتيجيات التربوية الحديثة داخل المدارس والغرفة الصفية أمراً ضرورياً من أجل تهيئة البيئة التعليمية المناسبة للطالب وبالتالي تحقيق أكبر قدر من الفعالية في التعليم.
توقف عدد كببر من التربويين والباحثين عند أهم هذه الإستراتيجيات والدور المفصلي لها في تطوير العمل التربوي، ففي كتابها “Rigorous Schools and Classrooms: Leading the Way” (مدارس وغرف صفية متحدّية: قيادة الدرب) والذي يمثل دليلاً شاملاً يمكن للمدراء والمسؤولين استخدامه في جعل المدرسة بيئة تعليمية تتمركز حول الطالب، تناولت Barbara Blackburn”” عام 2008 إحدى أهم هذه الإستراتيجيات حيث ركزت على أهمية استخدام إستراتيجية التحدي في التعلم كأداة مساعدة في تحفيز الطلاب على التفكير بطريقة تحليلية وإبداعية وتنمية مهارات التفكير العليا التي تمكنهم من تطبيق المعلومات بمرونة على مجموعة من المواقف الواقعية حتى تلك التي لا يمكن التنبؤ بها، وهذا يتطلب بالتأكيد توجيه كل طالب بطريقه ملائمة له.
تميّز مصطلح “Rigor”في البيئة التعليمية خلال السنوات الأخيرة الماضية، حيث يطلق هذا المصطلح على التعليم الذي يتحدى تفكير الطلاب بطرق جديدة ومثيرة للاهتمام من خلال توقعات وتجارب تمثل تحدياً أكاديمياً وفكرياً وشخصياً وتحفز العمل الإبداعي والفكري لديهم، وهذا التحدي يمثل جسراً لعبور الطالب من الغرفة الصفية نحو المستقبل والنجاح على المدى الطويل. يتعلق الأمر إذاً بإيجاد الدافع الذي يجعل من التحدي عاملاً أساسياً في إعداد طلاب يمتلكون الرغبة في التعلم مدى الحياة، فكيف يكون التحدي جزءاً منتظماً من عملية التعلم؟.
التحدي الأكاديمي داخل الغرفة الصفية
للطلبة اهتمامات ونقاط قوة واحتياجات متنوعة فكل منهم مختلف عن الأخر حيث يميل البعض إلى التعلم بشكل أفضل من خلال القراءة والبعض قد يميل إلى الاستماع وقد نجد أن البعض الأخر يمتلك المهارة في حل المشكلات، قدرة المعلم هنا تكمن في البحث عن التحديات المناسبة لكل طالب وذلك من خلال التعرف على قدراته وأساليب التعلم التي تناسبه بشكل أفضل، وتحقيق التوازن بين الاحتياجات التعليمية المختلفة حتى يتمكن المعلم بالنهاية من تهيئة البيئة الصفية التي تحفز كل طالب على التفكير والتطور والعمل نحو المستقبل مستخدماً بذلك إستراتيجية التحدي ولكن من خلال معرفة نقاط القوة التي يمتلكها الطالب أولاً.
توفير الدعم المستمر
البيئة الداعمة والمحفزة والتي تتسم بالعلاقات الإيجابية بين المعلم والطالب لها تأثير كبير على الطلبة من المرحلة الأساسية حتى الثانوية، لذلك كان من الضروري أن يوفر المعلم مستويات عالية من الدعم لكل طالب إضافةً إلى استخدامه للأساليب التعليمية المتنوعة التي يدرك أنها ستقودهم نحو عمل أكثر تحدياً في طريقهم نحو النجاح وتمكنهم من تحقيق مستويات أعلى من الإنجاز، فهم بحاجة إلى معرفة أننا نؤمن بهم وأننا نهتم بنجاحهم الأكاديمي والشخصي.
تفعيل دور الطالب في عمليةالتعلم
إتاحة الفرصة للطالب للقيام بنشاطات غير سهلة فيمل منها أو صعبة فتمثل عقبة بالنسبة له بل متوسطة فتشكل له تحدياً يستطيع تجاوزه هو جوهر إستراتيجية التحدي وهو الخط الفاصل بين تشجيع الطالب وإحباطه، فالطالب يصبح أكثر حماساً في التعلم عندما يؤمن أن لديه فرصة للنجاح وأنه قادر على تخطي التحدي، هذا النهج يركز على التفاعل بين الطالب والمعلم حيث يشعر جميع الطلاب بالانخراط والتقدير باعتبار أن العملية التعليمية هي عملية تشاركيه تفاعلية.
لا شك أن لكل مجتمع مدرسي خصوصيته وأن المدارس وإن تشابهت إلا أنها فعلياً مختلفة فلكل منها فلسفتها وإستراتيجياتها التعليمية الخاصة، ولكن يبقى تحدي العمل الفكري والإبداعي الإستراتيجية الذهبية في العملية التعليمية فهو مفتاح الحياة الناجحة لكل طالب والذي يمنحه المساحة للنمو والتطور بطرق لا يمكن تخيلها.