على طريق الشام، إنقلب حال شاوول المُضطهد للإيمان المسيحي الى بولس مبشر الأمم.
وكم هو جميل وصف الكتاب المقدس للحدث… ومن جملة ما يُخبر هو أنّ بولس بعد سقوطه وقف مفتوح العينين ولكنه لا يرى شيئاً!! بغض النظر إذا كان هذا يعني بالضرورة أنه أصيب مرحلياً بعمى جسدي، لكن الأهم يكمن في المعنى:
أن بولس كان بحاجة أن يخرج من دائرة رؤيته الضيقة الى البصيرة الإيمانية كي يرى أوضح الأسرار الخلاصية.
الإنقلاب الحقيقي الصحي – ثورتنا الحقيقية – يجب أن تبدأ بأن نقبل أن رؤيتنا الخاصة والضيّقة للأمور هي أحد مستويات “العمى”!! نحن بحاجة الى إحترام الآخر، معه نهذّب بصيرتنا لكشف الرؤية الحقيقية وفهم ما يكمن خلف ما لا يُرى تلقائيًا. وعظمة بولس كانت بتواضع قلبه، فقبل وهو الذي ” أتمّ ” الدراسة، أن يعود تلميذاً… فأمام الحقيقة كلنا يجب أن نبقى تلاميذ!! لأن الرب – وحده – من يختصر الحقيقة وفقط بالتعاون مع من أضاءت المحبة بصائرهم نستطيع تمييز الحكمة.
على دروب الحياة اليوم، لا نزال ذاك “الشاوول” الممتطي صهوة كبريائه والمتوجه بضيق رؤيته صوب سحق أخوته. فهل نتعظ من ذاك الرسول العظيم، الذي قبل أن يقلب حاله على نور الإيمان؟
هل نقبل أن نقلب حالنا من عناد الإكتفاء بذواتنا الى تواضع وضعية قبول التنشئة؟
هل نقبل أن نحوّل مرارتنا من أذية الى خبرة وحكمة؟
هل نقبل أن نقلب حالنا من (الغيرة منك) الى (الإعجاب بك)؟
هل نقبل أن نتحوّل من حال المراهقة الرفضية الى قبول الحوارات التي تخرجنا من حالة التدمير الذاتية؟
هل نقبل أن نتحوّل من الطمع الى الطموح في تعاطينا في المجالات الحياتية؟
تكثر الأسئلة من هذه النوعية ولكن اليوم، في عيد إيمان رسول الأمم، علّنا جميعاً ننتقل من حال الشك المرضية (البارانويا) الى حال التوبة المُثمرة (الميتانويا)!
WIKIMEDIA COMMONS
هل نتّعظ من بولس الذي قبِل أن يقلب حاله على نور الإيمان
في عيد إيمان بولس الرسول 25 كانون الثاني