Audience générale du 22 janvier 2020 © Vatican Media

المقابلة العامة: الله، ولكي يعطينا ذاته، يختار غالبًا دروبًا لا تخطر على البال

المقابلة العامة حول التطويبات

Share this Entry

أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، صباح الخير!

نبدأ اليوم سلسلة تعاليم جديدة حول التطويبات في إنجيل القدّيس متى (5، 1- 11) هذا النصٌّ الذي يفتتح “عظة الجبل” قد أنار حياة المؤمنين وكذلك حياة العديد من غير المؤمنين. من الصعب ألّا تلمسنا كلمات يسوع هذه، وصحيحة هي الرغبة في فهمها وقبولها بشكل كامل على الدوام. إنَّ التطويبات تحتوي على “بطاقة هويّة” المسيحي – هذه هي بطاقة هويتنا – لأنّها تحدّد وجه يسوع نفسه وأسلوب حياته.

سنضع الآن بشكل عام إطارًا لكلمات يسوع هذه، وفي التعاليم المقبلة سنشرح كلّ تطويب بمفرده.

مهمٌّ أولاً كيف تمّ إعلان هذه الرسالة: لما رأى يسوع الجموع التي كانت تتبعه، صعد على الجبل الذي يحيط ببحيرة الجليل وجلس وإذ توجّه إلى تلاميذه أعلن لهم التطويبات. فالرسالة إذًا هي موجّهة للتلاميذ، ولكننا نجد الجموع في الأفق أي البشريّة بأسرها. إنها رسالة للبشريّة بأسرها.

كذلك، يذكّر “الجبل” بجبل سيناء حيث أعطى الله الوصايا لموسى. يبدأ يسوع بتعليم شريعة جديدة: أن نكون فقراء، أن نكون ودعاء، أن نكون رحماء… هذه “الوصايا الجديدة” هي أكثر من مجرّد قواعد. في الواقع إنَّ يسوع لا يفرض شيئًا، بل يظهر درب السعادة – دربه – مكرّرًا ثماني مرّات كلمة “طوبى”.

يتكوّن كل تطويب من ثلاثة أجزاء. أولاً هناك على الدوام كلمة “طوبى”، من ثمّ تأتي الحالة التي يعيشها من يحقُّ لهم الطوبى: فقر الروح، الحزن، الجوع، العطش إلى البرّ وهكذا دواليك؛ وفي الختام سبب التطويبات الذي تسبقه عبارة “فإنَّ”. “طوبى لهؤلاء فإنَّ…” هكذا هي التطويبات الثمانية، ومن الجميل أن نحفظها كي نكرّرها وتبقى في أذهاننا وقلوبنا هذه الشريعة التي منحنا إياها يسوع.

لنتنبّه إلى هذا الأمر: سبب التطويب ليس الوضع الحالي، وإنما الحالة الجديدة التي ينالها الذين يستحقّون الطوبى كعطيّة من الله: “فإِنَّ لَهم مَلكوتَ السَّمَوات”، “فإِنَّهم يُعَزَّون”، “فإِنَّهم يرِثونَ الأَرض”، وهكذا دواليك.

في العنصر الثالث، الذي هو سبب السعادة، يستعمل يسوع غالبًا صيغة المجهول في المستقبل: “يُعَزَّون”، “يرِثونَ الأَرض”، “يُشبَعون”، “يُرْحَمون”، “أَبناءَ اللهِ يُدعَون”.

ولكن ماذا تعني كلمة “طوبى”؟ إنّ الكلمة اليونانية الأصل لا تشير إلى شخص يتمتّع بالرخاء ويعيش حياة هنيئة، وإنما إلى شخص يعيش في حالة النعمة ويتقدّم في نعمة الله ويسير قدمًا في دربه: الصبر والفقر وخدمة الآخرين والتعزية… جميع الذين يسيرون قدمًا بهذه الأمور يكونون سعداء وتحقُّ لهم الطوبى.

إن الله، ولكي يعطينا ذاته، يختار غالبًا دروبًا لا تخطر على البال وربما أيضًا دروب محدودياتنا ودموعنا وفشلنا. إنّه الفرح الفصحيّ الذي يتحدّث عنه إخوتنا الشرقيون، ذلك الفرح الذي يحمل آثار المسامير ولكنّه حي، الفرح الذي عبر الموت واختبر قوّة الله. إن التطويبات تحملك دائمًا إلى الفرح، إنها الدرب لبلوغ الفرح. وبالتالي سيساعدنا أن نأخذ إنجيل القدّيس متى اليوم، الفصل الخامس من الآية الأولى حتى الآية الحادية عشرة ونقرأ التطويبات – وربما أيضًا بضع المرّات الإضافية، خلال الأسبوع – لكي نفهم هذه الدرب الجميلة والأكيدة للسعادة والتي يقترحها الرب علينا.

* * * * * *

قراءة من الإنجيل بحسب القدّيس متى (5، 1- 12)

“فلمَّا رأَى الجُموع، صَعِدَ الجَبَلَ وَجَلَسَ، فدَنا إِلَيه تَلاميذُه فشَرَعَ يُعَلِّمُهم قال: طوبى لِفُقراءِ الرُّوح فإِنَّ لَهم مَلكوتَ السَّمَوات. طوبى لِلوُدَعاء فإِنَّهم يرِثونَ الأَرض. طوبى لِلْمَحزُونين، فإِنَّهم يُعَزَّون. طوبى لِلْجياعِ والعِطاشِ إِلى البِرّ فإِنَّهم يُشبَعون. طوبى لِلرُّحَماء، فإِنَّهم يُرْحَمون. طوبى لأَطهارِ القُلوب فإِنَّهم يُشاهِدونَ الله. طوبى لِلسَّاعينَ إِلى السَّلام فإِنَّهم أَبناءَ اللهِ يُدعَون. طوبى لِلمُضطَهَدينَ على البِرّ فإِنَّ لَهم مَلكوتَ السَّمَوات. طوبى لكم، إِذا شَتَموكم واضْطَهدوكم وافْتَرَوْا علَيكم كُلَّ كَذِبٍ مِن أَجلي، اِفَرحوا وابْتَهِجوا: إِنَّ أَجرَكم في السَّمَواتِ عظيم، فهكذا اضْطَهدوا الأَنبِياءَ مِن قَبْلِكم“.

كلام الربّ

* * * * * * *

Speaker:

أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، نبدأ اليوم سلسلة تعاليم جديدة حول التطويبات في إنجيل القديس متى، نصٌّ يفتتح “عظة الجبل” وقد أنار حياة المؤمنين وكذلك حياة العديد من غير المؤمنين. سنضع الآن بشكل عام إطارًا لكلمات يسوع هذه، وفي التعاليم المقبلة سنشرح كلّ تطويب بمفرده. يتكوّن كل تطويب من ثلاثة أجزاء. أولاً هناك على الدوام كلمة “طوبى”، من ثمّ تأتي الحالة التي يعيشها من يحقُّ له الطوبى: فقر الروح، الحزن، الجوع، العطش إلى البرّ وهكذا ودواليك؛ وفي الختام سبب التطويبات الذي تسبقه عبارة “فإنَّ”. لنتنبّه إلى هذا الأمر: سبب التطويب ليس الوضع الحالي، وإنما الحالة الجديدة التي ينالها الذين تحقُّ لهم الطوبى كعطيّة من الله: “فإِنَّ لَهم مَلكوتَ السَّمَوات”، “فإِنَّهم يُعَزَّون”، “فإِنَّهم يرِثونَ الأَرض”. أما في العنصر الثالث، الذي هو سبب الطوبى، يستعمل يسوع غالبًا صيغة المجهول في المستقبل: “يُعَزَّون”، “يرِثونَ الأَرض”، “يُشبَعون”، “يُرْحَمون”. هذا ما يمكننا أن ندعوه بـ”المجهول الإلهي”: إنَّ الله في الواقع هو الذي سيقوم بهذه الأمور، هو سيفعل هذا كلّه، المبادرة هي مبادرته على الدوام. ولكن ماذا تعني كلمة “طوبى”؟ إنّ الكلمة اليونانية الأصل “makarios” لا تشير إلى شخص يتمتّع بالرخاء ويعيش حياة هنيئة، وإنما إلى شخص يعيش في حالة نعمة ويتقدّم في نعمة الله. وهذا أمر مهمّ لأنَّ التطويبات “تنير الأفعال والمواقف التي تميّز الحياة المسيحية”، وتظهر كيف ومتى يزورنا الله بنعمته وفرحه. أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، إن الله، ولكي يعطينا ذاته، يختار غالبًا دروبًا لا تخطر على البال وربما أيضًا دروب محدودياتنا ودموعنا وفشلنا. هذه هو الفرح الفصحيّ، ذلك الفرح الذي يحمل آثار المسامير ولكنّه حيّ، الفرح الذي عبر الموت واختبر قوّة الله.

 

* * * * * * *

Speaker:

أُرحّبُ بالحجّاجِ الناطقينَ باللغةِ العربية، وخاصةً بالقادمينَ من الشرق الأوسط. أيّها الإخوةُ والأخواتُ الأعزّاء، إن عيش التطويبات لا يتطلّب أعمالًا باهرة. لننظر إلى يسوع: لم يترك شيئًا مكتوبًا ولم يبنِ شيئًا مهيبًا. وعندما قال لنا كيف ينبغي أن نعيش، لم يطلب منا أن نقوم بأعمال كبيرة أو بأفعال فائقة الطبيعة، بل طلب منا أن نحقِّق تحفةً فنيّة واحدة، وهي حياتنا. فالتطويبات إذًا هي خريطة حياة: لا تتطلّب أعمالاً خارقة وإنما أن نتشبّه بيسوع في الحياة اليوميّة. ليبارككُم الرب!

***********

© جميع الحقوق محفوظة – حاضرة الفاتيكان 2020

Share this Entry

ندى بطرس

مترجمة في القسم العربي في وكالة زينيت، حائزة على شهادة في اللغات، وماجستير في الترجمة من جامعة الروح القدس، الكسليك. مترجمة محلّفة لدى المحاكم

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير