“إلهنا قريب ويطلب منّا أن نكون قريبين من بعضنا البعض. ربما لا يمكننا في هذه الفترة أن نقترب جسديًا خوفًا من العدوى إنما يمكننا أن نقترب بواسطة الصلاة والمساعدة المتبادَلة”. تلك كانت تغريدة البابا فرنسيس يوم أمس الأربعاء 18 آذار 2020 وهي تلخّص ما أتى في عظته أثناء القداس الصباحي في دار القديسة مارتا في الفاتيكان.
شارك معه هذه المرّة ثلاثة كهنة من بينهم أميني سرّه وكاهن إيطاليّ قرأ الإنجيل، مع راهبات المحبّ’ اللواتي يعتنين بكنيسة الروح القدس وخادمين والعازف على الأرعن. وقد حافظوا على المسافة الآمنة بينما كانوا يشاركون في القدّاس الإلهي. وكالعادة، في ختام القدّاس، يُصمَد القربان المقدَّس لدقائق ومن ثمّ يمنح البابا البركة الختاميّة بالقربان المقدّس.
وقال في عظته: “إلهنا هو إله القرب، إنه إله قريب يسير مع شعبه. بحسب سفر الخروج، هو السّحاب وعامود النار لحماية الشعب: إنه يسير مع شعبه. إنه ليس إلهًا يترك وصايا مكتوبة ويقول: “تقدّم!” بل كتب الوصايا بيديه وحفرها على الحجر، وسلّمها لموسى. لم يترك الوصايا ورحل بل هو يسير وهو بالقرب منّا. “أيّ أمّة لها إله قريب مثل إلهنا؟” إنه القرب. إلهنا هو إله القُرب”.
ثمّ أشار البابا إلى موقفين يلغيان كلّ قرب يقدّمه الله، ذكرًا آدم وحواء عندما تواريا (راجع تكوين 3: 3 – 10): اختبآ من قرب الله لأنهما أخطآ، والخطيئة تقودنا إلى الاختباء ورفض القرب. والموقف الثاني الذي تحدّث عنه البابا والذي يدلّ على رفض الإنسان قرب الله هو قتل أخينا الإنسان “أأنا حارس لأخي؟” (راجع تك 4:9).
وتابع البابا: “الإنسان يرفض قرب الله، يريد أن يكون سيّد العلاقات والقرب يحمل دومًا فيه ضعفًا معيّنًا. “الله القريب” يجعل من نفسه ضعيفًا، وفي كلّ مرّة كان أقرب، بدا أضعف. عندما أتى ليسكن بيننا، أصبح إنسانًا ليكون بيننا: جعل من نفسه ضعيفًا وحمل هذا الضعف حتى الموت، فمات ميتة المجرمين، ميتة أكبر الخاطئين. اتّضع ليكون معنا، ليسير معنا، ليساعدنا”.
وأوضح: “إلهنا قريب ويريدنا أن نكون قريبين من بعضنا بعضًا، وألاّ نبتعد عن الآخر. هو يطلب منا أن نظهر هذا القرب أكثر في هذا الوقت الذي نمرّ فيه بهذا الوباء المتفشّي، أن نظهره أكثر. ربما لا يمكننا أن نقترب بشكل جسديّ خوفًا من العدوى، إنما يمكننا أن نوقظ فينا موقف القرب من خلال الصلاة والمساعدة المتبادلة وأشكال كثيرة تعبّر عن القرب. ولمَ علينا أن نكون قريبين من بعضنا بعضًا؟ لأنّ إلهنا قريب، أراد أن يرافقنا في حياتنا. إنه إله القرب. لهذا السبب، نحن مدعوون ألاّ نكون منزوين على أنفسنا بل أن نكون قريبين، لأنّ الإرث الذي نلناه من الربّ هو القرب، أي لفتة القرب”.