واجه كوكب الأرض، خليقة الله، حيث يسكن الانسان، الحروب والمجاعات والكوارث الطبيعية، والأوبئة وغيرها من الاحداث، التي طبعت سكان الارض على مدى آلاف السنين.
تفاعل الانسان في كل مرة، مع تلك الاحداث والعلامات، بطريقة مختلفة، وبحسب تطوره على جميع الصّعد.
تمرّ الأيام، وبالرغم من التقدم التكنولوجي، وسرعة التواصل والاتصال، والاختراعات المتطورة، وتقدّم الطبّ، يبقى الانسان “سريع العطب”، ضعيفاً أمام مآسي الانسانية، من مجاعات وحروب وأوبئة. أوليست الحياة أيضاً ” سريعة العطب” و” حساسة” وأحياناً ضعيفة مثل ضعف الانسان وتخاذله وخوفه؟ يواجه الانسان بالمطلق الصعوبات الخطيرة، والتحديات الكثيرة، متكلاً على فكره النيّر، وعقله الواعي، وقوته المتجددة ، وإرادته الصلبة وإيمانه العميق.
وبالرغم من خوفه من الغد، واكتئابه المحبط، وتخاذله المخزي، وأنانيته الجارفة، وإنزوائه المقيت، وتفرده النرجسي، يبقى مدافعاً عن الحياة مع أخيه الانسان، مع ثقته بأنه معرضٌ أبدًا للهزيمة والاندثار والموت.
بالتأكيد يحاول الانسان تخطي معظم الحواجز والعراقيل، التي تعترض مسيرته اليومية. واليوم أمام تفشي فيروس ” كورونا”، والذي يأخذ منحًا خطيرًا، يواجه الانسان تحديًا كبيرًا، في محاولاته العديدة للسيطرة عليه، والقضاء على مفاعيله ونتائجه الخطرة والكارثية، والتي تؤدي بشكل اوليّ الى موته، أو تحجيم تفاعله الايجابي مع أخيه الانسان، كذلك الانعكاسات السلبية الكثيرة على الحياة الاجتماعية، والاقتصادية والمعيشية، ونعمة الحياة وجمالها.
عالم اليوم أمام تحدٍ مختلف. هذا الوباء عدو البشرية، وضع “إنسان” الكرة الأرضية، في العالم أجمع، في ” سلة واحدة”، أمام خطر داهم، وموت محتم، واقتصادٍ مزرٍ، وحياة اجتماعية مضطربة، وتفشي للأمراض النفسية وحالات من الهلع والذعر ، والاكتئاب واليأس، وقلة الإيمان ، والخوف من الآخر، وغيرها من التغيّرات المؤذية لمسيرة البشرية.
هل سينتصر الانسان بسرعة على فيروس ” كورونا” وبأقل ضرر وخسارة ؟ أم سيظل مذهولًا في سباتٍ عميق، رافضًا الاعتبار، والاستفادة من التجارب السابقة؟
نعم ، الفيروس ” كورونا” يتحدى الانسان. يتحداه علّه يكون قادراً على تحقيق ” تضامن إنساني”، من خلال العمل التطوعي، من أجل إنقاذ حياة الانسان وتأثيرات الوباء الكارثية، على الحياة العامة للبشرية جمعاء.
نعم، الفيروس ” كورونا” يتحدى الإنسان. يتحداه إذا كان قادراً على تقديم المساعدة والعون، والجهد والنضال، من أجل تخفيف الألم والجوع، والحزن والعوز، والاكتئاب والاحباط.؟! هل سنرى من خلال هذه المحنة القاتلة، والازمة الخانقة، المجانية والسخاء، والتعاون والمساعدة، والتضامن والرحمة ؟ أم سيزداد إنسان اليوم، أنانية وتقوقعًا وانغلاقًا على الذات، وهروبًا الى الامام؟
نعم، ينتصر الانسان على عدوه الجديد، من خلال بثّ روح الأمل والرجاء والايمان والمحبّة، وحب الحياة والتعلق بها، بالرغم من قساوتها ومرارتها ومصائبها، وخيباتها المتراكمة.
ينتصر الانسان عندما يشعر بفسحة الأمل من خلال المثابرة والتضحية، وبذل الذات، بتحقيق النتائج الايجابية للتضامن الانساني والاخوي، الذي زرعه الله في قلب كل إنسان، وتلقفه كل إنسان مستقيم.
ليناضل ويواجه الانسان المخاطر والعقبات والمآسي بكل حزم وحماسة، وجدية وشجاعة، وجهد متواصل، وهدوء وحكمة، وعلم ومنطق وايمان، لبناء غدٍ أفضل. لا بدّ لإنسان هذا العصر ” الهجين” والمتخبّط بشتّى أنواع الكوارث، أن يلمس أهمية التضامن وتضافر الجهود، والمشاركة وضرورتها، والتعاضد الأخوي والحضاري في خلق ” حالة” من الانسياق الانساني، والوحدة في المصير.
نعم، العطاء المجاني هو كسبٌ لا محال.
أوليس الانسان بحاجة اليوم، إلى “المعنويّات” والأمل والرجاء، من أجل مواجهة “عالمنا”. المجتمع بحاجة اليوم، إلى رجال ونساء يملكون مفاهيم التضحية والمثابرة.
يعطي سموّ العمل التطوّعيّ، بعض الأمل والقوّة والارادة على التغلّب على معظم المحن والتجارب.
“عالمنا” بحاجة إلى بريق أمل، وبلسم جراح وذرّة حبّ، وفجرٍ جديد، وخريطة طريق، للوصول إلى السكينة والهدوء أيّ السلام، الذي زرعه الخالق في عالمنا، ولكن أضاعه الانسان بفلسٍ واحد من أجل فلسٍ واحد.