“يا ربّ، بارك العالم، امنح الصحة لأجسادنا والراحة لقلوبنا” هكذا صلّى البابا اليوم عند الساعة السادسة مساءً بتوقيت روما في ساحة القديس بطرس الخالية من المؤمنين بوقفة استثنائية على نيّة انتهاء وباء فيروس كورونا ومنح في ختامها الغفران الكامل. ميّز البابا أهميّة هذا الوقت الذي أشار إلى أنه “وقت اختيار” لكلّ واحد منا وللبشرية جمعاء. إنها مسألة إعادة توجيه درب الحياة نحوك، يا ربّ ونحو الآخرين”.
علّق البابا على إنجيل “تهدئة العاصفة” بحسب القديس مرقس (مر 4: 35 – 40) وأشار إلى حالة البشريّة على مفترق الطرق وأشاد بكلّ من يكرّسون ذواتهم من أجل الآخرين مؤكّدًا أنّ ما من أحد يمكنه أن يخلّص نفسه بنفسه. “ويمكننا أن نرى الكثير من رفاق الدرب الذين هم مثال على ذلك والذين بالرغم من خوفهم، قد استجابوا ببذل حياتهم. إنها القوّة الفاعلة للروح المتدفّق والمتحوّل إلى إخلاص سخيّ وشجاع. إنها حياة الروح القادر على الفداء والتقدير وإظهار كم أنّ حياتنا هي منسوجة بأشخاص عاديين، غالبًا ما كانوا منسيين، ولم يتصدّروا عناوين الصحف والمجلاّت ولم يظهروا في العروض الكبيرة إنما هم بالتأكيد يخطّون اليوم الأحداث المصيرية في تاريخنا: الأطبّاء والممرّضين والممرّضات، العمّال في السوبر ماركات ومقدّمي الرعاية المنزلية والسائقين وقوّات الأمن والمتطوّعين والكهنة والراهبات وغيرهم ممن فهموا أنه لا يمكن لأحد أن ينقذ نفسه بنفسه”.
أوّن البابا النص الإنجيلي قائلاً: “لقد أصبنا بعاصفة غير متوقّعة وغاضبة. وأدركنا أننا في السفينة ذاتها، خائفون وتائهون، إنما في الوقت نفسه مهمّون وضروريون، مدعوون إلى التجذيف معًا، فالجميع بحاجة إلى العزاء المتبادَل”.
إنّ العاصفة تُسقِط القناع عن ضعفنا وتفضح الضمانات الزائفة وغير الضرورية التي بنينا عليها جداول أعمالنا ومشاريعنا وعاداتنا وأولويّاتنا، وتبيّن لنا كيف تخلّينا عمّا يغذّي ويدعم ويقوّي حياتنا ومجتمعنا، وتركناه يرقد. إنها تفضح كلّ محاولات “صندقة” ونسيان ما قد غذّى روح شعوبنا. تفضح كلّ تلك المساعي إلى تخديره بعادات تبدو وكأنها “خلاصية”، ولكنها غير قادرة على الاستعانة بجذورنا وعلى استحضار ذاكرة شيوخنا، فتحرمنا من الحصانة اللازمة لمواجهة الشدائد.
سقطت أيضًا مع العاصفة، خدعةُ تلك الصور النمطيّة التي تخفي وراءها الـ “أنا” الخائف باستمرار على صورته؛ وظهر مجدّدًا، هذا الانتماء المشترك (المبارك) الذي لا فِرار منه: الانتماء كأخوة.
وفي الختام، منح البابا البركة لروما والعالم أجمع ببركة استثنائية Orbi et Urbi تُمنح فقط في عيدي الميلاد والفصح وعند انتخاب بابا جديد.