Talking - Free-Photos - Pixabay - CC0

الكلمة إمّا لعنة أو بركة

فماذا تختار؟

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

هل حصل أن شعرت بهذا الدافع لقول شيء لطيف لشخص ما؟
ربما مجاملة صادقة، أو إعتذار، أو معايدة أو مجرد كلمة طيبة…؟!
على الأرجح…
ولكن يحصل أيضاً أنه عندما تكثر الكلمات غير الصادقة من حولنا، نستصغر قيمة الكلمة الطيبة حتى ولو كانت صادقة. ويحدث أن تهرب شجاعتنا أو يغلب كبرياؤنا فنبتلع الجميل والصادق من كلماتنا أو ثنائنا…

مرت على هذه الحادثة سنين… كنت لا أزال طالبة في سنتي الأولى الجامعية حين تألق أمامي إداء أحد أساتذتي. تلك المرأة في عقدها الخامس كانت مميّزة ولامعة في كل ما للكلمة من معنى. تاريخ الحضارات الذي يبدو للبعض غير مثير كانت تبرع في شرحه وتشريحه وإستخلاص العبر الإنسانية في طرحه… والأجمل أنّ حديثها كان يعكس إيماناً حيّ بالله والخير، وكلمة الله لا تغيب عن مقاراباتها ففي النتيجة نبض حياة “الحضارة الحقيقية” في تاريخنا تتلاقى مع كلمته لنا…
ولأن كل فصل جامعي فيه فصل الأعياد، إنتهزتها فرصة وتركت بطاقة معايدة وكلمة تبدي إمتناني لشهادتها وإسهامها في زرع الثقافة وروح الخير و المحبة… لا أنكر أني ترددت في بادئ الأمر، قلت لنفسي “ستبدين متملقة وتسعين للرضا …” ولكن صوت داخلي حثني على أن أتسلّح بالشجاعة و أترك كلمتي الصادقة و أمضي… و فعلت.
ومضى العيد وعدنا. إستدعتني أستاذتي الى مكتبها، و أقفلت الباب وبعينها دمعة. رأيت بطاقتي في يدها تلوح بها وتقول :” شكراً لأنك بهذه الكلمة أجبت على تساؤل بات حاضراً بقوّة في هاتين السنتين… فكنت قد شعرت أنّ كلمتي لا تؤثر كما السابق وبدأت أفكّر بالتقاعد المبكر. ولكن الكلمات هنا غيّرت المعادلة!”

كنت منذهلة أمام ما سمعت و لم أكن أدري أنّ صدى شكري البسيط قد يحمل ما سمعته من قيمة وتغيير في التخطيط ! ولأنّ الخير يولّد الخير: في رحلتي الجامعية أنذاك لم تبخل أستاذتي في كلماتها الطيبة لي فكانت خير دليل ومشجّع في العديد من مفترقات الطريق.
من ذاك اليوم تعلّمت أنه عندما يضع الله في قلبك رغبة في أن تعبّرعن شيء لطيف و صادق لشخص ما: لا تتردد! فقد تكون جواب الله لحاجة الكثيرين الملحّة للمسة صغيرة من نعمته ومن محبته… و لو بمجرد كلمة طيبة.
في حياتنا الكلمة إما لعنة أو بركة.
فحبذا لو نختار أن تكون كلمتنا تجسّد لطف الله لمن حولنا.

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

أنطوانيت نمّور

1

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير