“مختلفون ومتّحدون” Différents et unis هو عنوان كتاب جديد يجمع نصوصاً وخطابات للبابا فرنسيس حول العلاقات الإنسانيّة، بالإضافة إلى نصّ للبابا لم يُنشَر بعد وعنوانه “مع نظرة يسوع” Avec le regard de Jésus.
أمّا مَن وقّع مقدّمة الكتاب الذي نشرته مكتبة الفاتيكان، نقلاً عن موقع “فاتيكان نيوز”، وبناء على ما ورد في مقال أعدّته الزميلة مارينا دروجينينا من القسم الفرنسيّ في زينيت، فهو رئيس أساقفة كانتربري الأنجليكانيّ ورئيس كنيسة إنكلترا جاستن ويلبي، فيما يتزامن نشر الكتاب مع ذكرى مسكونيّة مهمّة: الذكرى الخامسة والعشرين لرسالة يوحنا بولس الثاني الحبريّة “فليكونوا واحداً” Ut unum sint الصادرة في 25 أيار 1995.
في نصّه الجديد “مع نظرة يسوع”، يُذكّر الأب الأقدس بقصّة الشاب الغنيّ في إنجيل مرقس، مُشيراً إلى تفصيل وصفه بالـ”حاسم”. وقد كتب الإنجيليّ أنّ “يسوع نظر إليه وأحبّه”. فشرح البابا أنّه “في المجتمعات الشرقيّة، يبدو أنّ تعبير “النظر بتحديق”، أي النظرة التأمّلية في شيء ما، لم تعد موجودة في الحياة اليوميّة. لم يعد أحد ينظر إلى الآخر. بل على العكس، إن حصل ذلك، فالتحديق يتسبّب بشعور انزعاج وردّة فعل شبيهة بمَن يواجه خطراً”.
كما ودعا الأب الأقدس المؤمنين إلى “التوقّف والانفتاح على الذات وعلى الآخرين”: “لدى عودتي من رحلتي من آسيا في تشرين الثاني الماضي، عبّرت عن أمنيتي بأن يستعيد الغرب من الشرق حسّ الشِعر، أي تحديداً التأمّل والانفتاح على الذات وعلى الآخرين في المجانية ونسيان المصلحة الشخصيّة. فبدون هذه الهبة وهذه المجانية، لا يمكن للّقاء الحقيقيّ ولا للتواصل الإنسانيّ الصحيح أن يولد… يجب عَيش كلّ مناسبة للتواصل “كلقاء حقيقيّ غير سطحيّ قد يفتح المجال أمام حوار مثمر يُحرّك ديناميّة قد تحوّل القابليّة على شيء ما، ممّا قد يفتح المجال أمام الارتداد”.”
ويُتابع البابا قائلاً: “للتقارب خلال الحوار شرطه الخاصّ: شرط الرغبة في الإصغاء بصبر إلى رأي الآخر، لأنّ النظر إليه يفترض تقبّله. في التواصل، نقدّم ذواتنا لبعضنا البعض”.
ومُذكِّراً بما قاله بتاريخ 4 شباط 2019 خلال اللقاء بين الأديان الذي جرى في أبو ظبي، أشار الأب الأقدس إلى أنّ الحوار بحاجة إلى الشجاعة. “ويتعلّق الأمر بشجاعة “الغَيريّة” التي تتضمّن الاعتراف بالآخر وبحريته… بدون حرية، لا نعود ننتمي إلى العائلة البشرية، بل نكون عبيداً… إنّ شجاعة الغَيريّة هي روح الحوار الذي يرتكز على صدق النوايا… وفي هذا كلّه، الصلاة ضروريّة: فإن جسّدت الصلاة شجاعة الغَيريّة نحو الله، في صدق النوايا، فهي تنقّي القلب من الانطواء على الذات”.
ومع العودة إلى جملة الإنجيل “نظر إليه فأحبّه”، قال الأب الأقدس: “في نظرة الحبّ، يندرج بُعْد الحرية. لا يمكن أن نحبّ إلّا في الحرية، ووحده الحبّ الحقيقيّ يجعل الآخرين أحراراً”. بالنسبة إلى الحبر الأعظم، إنّ الحريّة “هي التي تجعل وجود الناس على الأرض إنسانيّاً، وأيّ تواصل فيما بينهم إنسانيّاً. بدون حرية، لا حقيقة، وأيّ علاقة تصبح خيالاً ونفاقاً وقد تنزلق إلى السطحيّة أو إلى ما هو أسوأ بعد، إلى التسخير”.
ويختم البابا داعياً الجميع إلى التحلّي بنظرة يسوع حيال الآخرين قائلاً: “فلتتّكىء نظرة الله دائماً على حياتنا، ولنتحلَّ بدورنا، عندما ندخل في علاقة مع الآخرين ونتواصل معهم، بنظرة يسوع نفسها، هو الذي ينظر إلينا بعينَي الحبّ المجّانيّ والكريم حتّى وهب الذات بالكامل”.