“إن تجذّرنا بقوّة في هبة الروح القدس، يمكننا، على العكس، أن نقابل رسالتنا ومعاناتنا بفرح وأمل”: عاد عميد مجمع تبشير الشعوب، الكاردينال لويس أنطونيو تاغل عبر أثير راديو الفاتيكان والصحيفة الفاتيكانية لوسيرفاتوري رومانو، إلى رسالة البابا الموجّهة إلى الأعمال البابوية التبشيرية.
بالنسبة إلى الكاردينال، إنّ هذه الرسالة غير موجّهة إلى الأعمال البابوية التبشيريّة فحسب، بل يجب أن نستفيد منها لنقوم بفحص ضمير حول رسالتنا في قلب الكنيسة، لذا يجب قرأتها والتمعّن بها.
وضع الكاردينال الرسالة ضمن إطار الحجر المنزلي، وقال: “توجد الكثير من الأمور التي جذبتني في رسالة البابا فرنسيس الموجّهة إلى الأعمال البابوية التبشيرية. أودّ أن أذكر البعض منها. أوّلاً، قبِل الأب الأقدس الدعوة بالتوجّه إلى المدراء الوطنيين لأعضاء الأعمال البابويّة التبشيريّة وفي أثناء جمعيّتهم العامة التي كان من المفترض أن تنعقد في أيار هذا العام. وبسبب انتشار جائحة كورونا، تمّ إلغاء هذه الجمعيّة. إنما عوض اعتبار إلغاء الاجتماع كفرصة للراحة، قرّر البابا الكتابة لهم وتوجيه رسالة لهذه المناسبة.
دعا كلّ الكاثوليك إلى التأمّل في ذلك: “بالنسبة إليّ، إنّ هذه الوثيقة لا تحوي عبارات للبابا بل هي تجسّد شغفه للرسالة واهتمامه بالأعمال البابوية التبشيريّة. عندما نقرأ هذه الوثيقة، نصغي إلى نفسه وحماسته وآماله وانشغالاته.
ثانيًا، أظنّ أنّه لو أنّ هذه الرسالة تتوجّه بشكل خاص إلى المدراء الوطنيين للأعمال البابويّة التبشيرية، إلاّ أنّ البابا يرغب في أن تُتلى أيضًا على مسامع كلّ الكنيسة وشعب الله ويحفظونها ويـتأمّلوا بها. إنها بمثابة فحص ضمير للكنيسة جمعاء بشأن الروح والالتزام التبشيري”.
عاد إلى العلاقة بين فعاليّة الأساليب والإدارة الكاريزمية للرسالة: “من المهمّ أن نقول أنّ البابا فرنسيس ليس ضدّ فعالية ووسائل التي يمكن أن تجعل من الرسالة مثمرة وشفّافة. إنما هو يحذّرنا من خطر “قياس” رسالة الكنيسة من خلال استخدام النماذج أو مدارس الإدارة محدَّدة مسبقًا، مهما كانت جيدة ومفيدة. يمكن أن تساعد أدوات الكفاءة إنما يجب ألاّ تحلّ أبدًا مكان رسالة الكنيسة. يمكن لتنظيم الكنيسة الأكثر فعّالية أن ينتهي به الأمر بأن يكون أقلّ تبشيريًا. يعيدنا البابا فرنسيس إلى بعض الحقائق الأساسية مؤكّدًا أنّ رسالتنا هي هبة من الروح القدس، مثل: الإيمان بالله هو هبة من الله ذاته؛ ملكوت الله يحقّقه الله؛ الكنيسة من عمل الله؛ الكنيسة تستيقظ على مهمّتها وتعلن الإنجيل وتذهب إلى أقاصي الأرض لأنّ الرب القائم من بين الأموات قد أرسل الروح القدس من الآب. في أصل الكنيسة ورسالتها، توجد هبة من الله وهي ليست مشروعًا بشريًا. يأتي يسوع ليقابلنا كمحبة الآب”.
هذا ولاحظ الحريّة البشريّة: “لدينا دور يجب أن نضطلع به: الصلاة وتمييز الهبة الإلهية والحصول عليها بالإيمان والتصرّف على النحو الذي يريده الرب منا. وإن فصلنا هذه الأمور عن جذور النعمة، تصبح أعمال الكنيسة كلها وليس مشاريع الأعمال البابوية التبشيرية فحسب مجرّد وظائف عادية وخطط عمال دقيقة. بالنسبة إلينا، إن أردنا أن نتجنّب خطر الوظيفيّة، يجب أن نعود إلى مصدر حياة الكنيسة ورسالتها: إنها هبة من الله بيسوع والروح القدس. من دون مصدر الحياة هذا، سيكون عملنا شاقًا ومملاً ومقلقًا وتنافسيًا ومجرّدًا من الراحة ويائسًا. إن تجذّرنا بقوّة في هبة الروح القدس، يمكننا على العكس، أن نقابل رسالتنا ومعاناتنا بفرح وأمل”.
(يتبع)