Pixabay CC0

عندما تكون مغرمًا، اهرب من مملكة النرجيسية

الجزء الثاني من سلسلة مقالات مأخوذة من كتاب لعبة الحبّ عشر خطوات نحو سعادة الزوجين للدكتور روبير شعيب

Share this Entry

كلّنا يعلم قصّة نرسيس التي يخبر عنها كتّاب يونانيون ولاتينيون بأساليب مختلفة. وبحسب الرواية، يُقال بأنه بينما كان ينحني ليشرب من البحيرة، رأى نفسه في انعكاس الماء وأُغرم بنفسه.

يشرح أوفيديو بشكل تفصيلي عمليّة وقوعه في غرام نفسه: “تمنّى، متجاهلاً نفسه، وعشيقه والشيء المغروم به بينما كان يتوق إليه ويشتعل ويحترق في داخله. كم من مرّة أرسل قبلات لا فائدة منها إلى انعكاس وجهه! كم من مرّة انكبّ على ذراعيه في الماء ليمسك بالعنق التي يراها في الماء ليقبّلها. تجاهل ما رأى، إنما في كلّ مرّة كان يرى هذا الوهم كان يشتعل الحماس في عينيه! ومرّة جديدة: “كان مسحورًا بنفسه ويذوب غرامًا بها والنار المضطرمة في نفسه تزداد اشتعالاً أكثر فأكثر”.

تنتهي القصّة بأساليب مختلفة كيف أنّ نرسيس غرق في البحيرة محاولاً أن يلتقط نفسه. ومع ذلك، إنّ المبدع أوسكار وايلد أعاد كتابة الخاتمة بشكل بالغ الأهميّة: عندما مات نرسيس، أتت حوريّات الغابات راكضة ورأت البحيرة تحوّلت من مياه عذبة إلى بحيرة من الدموع المالحة.

وسألت الحوريات: “لماذا تبكين؟”

أجابت البحيرة: “أبكي على نرسيس”.

وأضافت: “لا عجب أنك تبكين على نرسيس. في الواقع، بينما كنا نحن نلاحقه دائمًا في الغابة، أنتِ كنتِ الوحيدة التي سنحت لك إمكانية التأمّل بجماله عن قرب”.

فردّت البحيرة: “ولكن هل كان نرسيس جميلاً؟”

وإذ بالحوريّات تتعجّبن وتقلن: “ومن أفضل منك يعرف ذلك؟ ففي نهاية المطاف، على ضفافك كان نرسيس يتردّد كلّ يوم”. وبعد أن بقيت البحيرة صامتة، قالت: “أنا أبكي على نرسيس إنما لم أعرف يومًا أنه كان جميلاً. أنا أبكي عليه، لأنّه في كلّ مرّة كان يقف على ضفافي، كنت أرى في نظراته انعكاس جمالي أنا!”

يمكن للنرجيسيّة أن تصبح ظاهرة زوجيّة. يصبح الآخر مرآة لنفسي. لم ينطوِ النرسيسيّ هنا على نفسه، بل بحث عن الآخر ليجد نفسه فيه. أصبح الآخر حجّة ووسيلة لحبّ الذات ليس إلاّ.

من هنا، إنّ دعوة الخطوة الثانية هي الآتية: “تجرّأ على أن تكون الآخر”. تفوّق على النرجيسيّة. الآخر ليس مرآة لشغفك، بل هو حليف النحن التي تقود كلّ واحد منكما إلى ضفّة تفوقك وتتنافس معك.

الحب ّالحقيقي هو قبول حسنات وسيئات الآخر.

تبلّور الحبّ

بالحديث عن موضوع الآخريّة، من منّا لم يختبر، غرامًا وفهمًا خياليًّا. إنّ الآخر يفكّر مثلي، في الوقت نفسه، وكأننا لسنا بحاجة إلى التحدّث معًا. إنّ الاهتمام الذي نوليه للآخر يساهم بطريقة أو بأخرى، بهذا التناغم الرائع الذي يتحدّث عنه ستاندال “تبلّور الحبّ”.

ما معنى ذلك؟

أوجد ستاندال مفهومًا جديدًا في كتابه الحبّ سماه التبلّور ومفاده ظاهرة النظرة المثاليّة التي نخصّها للحبيب في بداية العلاقة. نصاب بسهام كيوبيد وهي المرحلة الأولى من التبلّور حيث نشعر بالسعادة الكبيرة لمجرّد أننا رأينا آلاف الأمور المثاليّة الموجودة في الشخص الذي خطف قلبنا. وأتحمّس أكثر فأكثر لأبحث عن المثاليّات الموجودة فيه. في الواقع، يبدو وكأنني منغمس بالآخر إلاّ أنني في الحقيقة أنا منغمس بتصوّري الخاصّ للآخر. إنّ رغبتي ونفسي تفوقان حقيقة الآخر، وليس سوى تكملة لتفسي.

لفتة تطبيقيّة

يجب أن تقوم باللفتة الأولى بينك وبين نفسك. فكّر جديًا، وأنا أدرك أنّ الأمر ليس سهلاً بالأخصّ إن كنتَ مغرمًا حديثًا، إنما يجب أن تبحث عن حقيقة الآخر وليس كما تتمنّى أن يكون.

اللفتة الثانية، بالأخصّ إن كنتما معًا من فترة طويلة هو أن تسامح الآخر. أنا مقتنع بأنه قبل أن تسامح الآخر على كلّ شيء، عليك أن تسامح آخريّته!

إن أردت أن تعمّق أكثر هذه المرحلة من الحبّ، أدعوك أن تكتشف أكثر في الفصل الثاني من كتاب لعبة الحبّ. عشر خطوات نحو سعادة الزوجين”.

نقلته من اللغة الإيطالية إلى العربيّة ألين كنعان إيليّا

وكالة زينيت العالميّة

لقراءة الجزء الأوّل من سلسلة المقالات، أنقر هنا:

قبل أن تقع في الحبّ، تزوّج

Share this Entry

د. روبير شعيب

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير