“أيها الإخوة الكهنة الأعزّاء، لنطلب من الربّ أن نكون رجالاً يشهدون في حياتهم على الشفقة والرحمة الذي وحده يسوع بإمكانه أن يمنحنا إيّاهما”: هذه كانت التغريدة التي نشرها البابا فرنسيس على حسابه الخاص على تويتر يوم الثلاثاء 4 آب، لمناسبة عيد القديس جان ماري فيانيه (خوري آرس)، شفيع كهنة العالم.
وبحسب السيرة الذاتية التي نشرها الدير في آرس، فإنّ جان ماري فيانيه ينحدر من عائلة مزارعين وكان لديه طفولة اتّسمت بالحب الوالديّ، إنما أثّرت الثورة الفرنسيّة بقوّة على شبابه واحتفل بمناولته الأولى في حظيرة، خلال قدّاس سريّ، احتفل بها كاهن مقاوم. اختار أن يجيب على دعوة الله، بعمر ناهز 17 عامًا، وقال لوالدته: “اريد أن أخلّص النفوس من أجل الربّ” إنما قابله والده بالرفض بما أنه كان فقيرًا.
في سنّ العشرين، بدأ التحضير للكهنوت وسرعان ما بدأت الصعوبات تعترضه: فبدأ ينتقل من إحباط إلى آخر، وأُجبر على الهرب عندما طُلب منه الانضمام إلى الجيش للقتال في الحرب في إسبانيا. إنما الأب بالي الذي ساعده في التحضير للكهنوت، أنقذه وساعده خلال سنوات التجربة هذه. سيم كاهنًا في العام 1815 وأُرسل إلى آرس بعد ثلاثة أعوام. هناك، أوقظ الإيمان في نفوس أبناء رعيّته من خلال عظاته وصلاته وأسلوب عيشه. شعر بأنه عاجز أمام المهمّة التي أوكلت إليه، إنما استسلم لرحمة الله. أعاد ترميم الكنيسة وزيّنها وأسّس ميتمًا تحت عنوان: “العناية” معتنيًا بالفقراء.
وسرعان ما جذب صيته كمعرّف، العديد من الحجّاج الذين أتوا يبحثون عن غفران الله وسلام القلب. تعرّضه للكثير من التجارب والمعارك، إنما بقي قلبه متجذّرًا بحبّ الله وإخوته؛ همّه الوحيد خلاص النفوس. كانت تعاليمه وعظاته تتحدّث عن صلاح الله ورحمته.
توفّي خوري آرس الذي بذل نفسه حبًا بالقربان المقدّس ومانحًا كلّ شيء لله وأهل رعيّته والحجّاج، في 4 آب 1859، بعد أن سلّم نفسه حتى النهاية للحبّ. علِم أنه سيموت يومًا “سجين كرسي الاعتراف”.
تعرّض ثلاث مرّات لتجربة الهروب من رعيّته، معتقدًا بأنه غير أهل لأن يكون كاهنًا وبأنه لم يعد مرآة يعكس من خلالها رحمة الله ولا يمثّل حبّه. حضر أكثر من ألف شخص إلى جنازته، بمن فيهم الأسقف وكهنة أبرشيّته وكلّ من اعتبروه قدوة لهم.
تمّ تطويبه في 8 كانون الثاني 1905، وأُعلن في السنة نفسها “شفيع كهنة فرنسا”. ورُفع إلى مصافّ القديسين في العام 1925 على يد البابا بيّوس الحادي عشر (في السنة نفسها التي تمّ فيها إعلان قداسة تريز الطفل يسوع)، وما لبث أن أصبح “شفيع كلّ كهنة العالم” في العام 1929.