بالنسبة إلى القائد الشيعي العراقي جواد الخوئي، البابا فرنسيس “ليس فقط قائد المسيحيّين الكاثوليك، بل هو رمز للسلام والاعتدال بالنسبة إلى العالم”، كما أوردته الوكالة الكاثوليكية الإيطالية SIR في الأول من آذار 2021، ونقلته لنا الزميلة أنيتا بوردان.
حفيد أبو القاسم الخوئي أحد الشخصيّات النافذة العراقيّة المعاصرة، جواد الخوئي، هو أيضاً شريك مؤسِّس في المجلس العراقي لأجل الحوار بين الأديان، وأمين عام معهد يحمل اسمه، “دار العِلم للإمام الخوئي” الذي أُسِّسَ لإعادة إطلاق تقليد التعليم في مدينة النجف وتعزيز الحوار بين الأديان؛ مع العِلم أنّ جواد الخوئي سيكون برفقة آية الله العظمى السيستاني لاستقبال البابا في النجف يوم السبت 6 آذار.
وعن المعهد المذكور الذي يديره، يقول الخوئي إنّه ندوة دينيّة تأسّست منذ ألف سنة لأجل العلماء الشيعة الذين يقصدونه للتعمّق بالدراسات الإسلاميّة الكلاسيكيّة، مع تنبّه خاصّ للفقه. والمعهد مرتبط بأكاديمية دينيّة تعمل مع شركاء محليين وإقليميين ودوليين حول الحوار بين الأديان، وعلى مشاريع سلام.
“هدفنا الأساسي يقضي بتنشئة علماء مستقبليّين ليسوا فقط على عِلم بمبادىء الإسلام الشيعي بل يفهمون أيضاً فكر الديانات الأخرى، ويكون الحوار بين الأديان جزءاً مِن تعليمهم”.
ويُشير الخوئي إلى دور القادة الدينيّين المهمّ لأجل السلام، بوجه الأقليّات المتطرّفة التي تبرّر عنفها وحقدها باسم الدين. “من مسؤوليّة القادة الدينيّين مواجهة هذه النزعة وتعليم إدراك الطبيعة المُسالِمة للدين. لا يمكن أن نسمح للبعض بأن يُحوّروا ديانتنا ويستغلّوها لأجل برامجهم الشخصيّة والسياسيّة”.
وهنا، تكلّم الخوئي عن دور الجماعات المسيحيّة قائلاً: “لو كان الشرق الأوسط شجرة نخل، لكانت أوراقه مسلمة، لكن جذوره مسيحيّة. المسيحيّون في هذه المنطقة جزء لا يتجزّأ من مجتمعنا. وقد ساهموا كثيراً في اقتصادنا وثقافتنا وحياتنا الفكريّة. إنّ جمال هذه الأرض يكمن في تنوّعنا، ولا يمكننا أن نتخيّل هذا المكان بدون مسيحيّين”.
مشاريع السلام
في سياق متّصل، أصرّ الخوئي على رفض الحقد قائلاً: “آية الله العظمى السيستاني يُصرّ باستمرار على الأخوّة الإنسانيّة، ويعتبر أنّ للمسيحيّين الحقوق نفسها كالمُسلمين في العراق، حيث توحّدهم المواطنيّة. لم تصدر يوماً المؤسسات الدينيّة فتوى تحثّ على الحقد، وهذه المؤسسات تعتبر أيّ إهانة للقادة الدينيّين جميعاً أو أيّ اعتداء على أماكن العبادة ممنوعاً”.
ودائماً بالنسبة إلى القائد الشيعيّ، ستكون رسالة البابا بغاية الأهمية لجميع العراقيّين: “إنّ زيارة البابا إلى العراق ليست فقط للمسيحيّين بل لجميع الأشخاص الذين يعملون لأجل السلام في كلّ مكان. سيُطلق البابا رسالة قويّة حول أهمية الحوار بين الأديان. العراقيّون جميعاً مسرورون لهذه الزيارة وفخورون لاختيار البابا هذا البلد، أرض الأنبياء والقدّيسين، ليشكّل موضوع زيارته الأولى إلى الخارج خلال الوباء العالمي. وسيظهر للجميع أن لا مشاكل بين الديانات أو بين رجال الدين، بعيداً عن أُطُرِنا المختلفة. وهذا اللقاء سيقوّي جميع المنظّمات التي تعمل في العراق وخارجه لأجل مشاريع السلام”.
الأمن للجميع
على الجميع أن ينعموا بالأمن: “لطالما تمّ تحييد العراق بسبب الوضع الأمني والحروب المختلفة التي اضطررنا لمواجهتها. إلّا أنّ زيارة البابا ستُعيد أور إلى خريطة الأرض، وسيتمكّن العراق مِن استعادة مكانه في المنطقة والعالم. إنّ الحوار بين الأديان أساسيّ بالنسبة إلى كلّ المجتمعات المُسالِمة لأنّه يسمح لنا بأن نفهم بعضنا البعض بغضّ النظر عن خلافاتنا، ويجعلنا نُدرك أنّنا جميعاً في المركب نفسه نواجه التحديات عينها. إنّ أمن المسلمين يتعلّق بأمن المسيحيّين والعكس صحيح. غير المُسلمين ليسوا فقط من يُساووننا كبشر، بل هم شركاؤنا على هذه الأرض… نتشاطر جميعاً الكوكب نفسه والموارد عينها، ونواجه التحديات نفسها”.
وفي نهاية حديثه، كان رفض العنف واضحاً لدى الخوئي: “لا يمكن أن نسمح لأقلّية من الأفراد العنيفين أن يُغيّروا الطبيعة المسالمة للبشر ولكلّ الديانات الإلهيّة. على العلماء ورجال الدين أن يفعلوا المزيد ليُذكّروا بطبيعة الدين والحؤول دون الاعتداءات واستغلال الهويّة الدينيّة باسم الدين… لا أشكّ في أنّ مستقبل هذه المنطقة سيكون مسالماً، لكنّ الأمر يتطلّب وقتاً وإرادة سياسيّة من قبل القادة الدينيّين والمجتمع الدولي كي تكفّ الحروب”.