Pixabay CC0 PD

عيد الحبّ في مهب الريح؟

ويبقى الحب

Share this Entry
يحتفل قسم كبير من الرجال والنساء في العالم بعيد العشاق، بالرغم من وجود الصعوبات والمشاكل والنزاعات بين الذين قرروا الانغماس في ماهية الحب. تتكاثر الأسئلة حول حقيقة “وجود” الحبّ وطريقة نجاح تجسيده في حياة الثُّنائي من قِبَل بعض المُشكّكين أو الَّذين عاشوا خبراتٍ سلبيّةً . نتساءل هل يحتلّ الحب مكانًا في حياة الناس، لا سيّما وأنّ المفاهيم والمبادئ وطرق العيش والتعامل بين الناس تتبدل وتتباين وتتلاشى لعدة اسباب؟
نراقب ونسمع ونحلّل، هذا الأمر يُعطينا القدرة على الاستنتاج الواقعيّ والعمليّ والعلميّ حول مبادئ الحبّ ووقعه على حياة الإنسان، كما يساعدنا ألاّ نقع في الوهم والمثاليَّة والطوباويَّة.
نقول ونؤكّد بأنّه، وبالرُّغم من كلّ شيء، يبقى الحبّ الرَّابط الأساسيّ والأخير بين النَّاس.
يعطي الحب الحياة. يعزّز رونقها وجمالها ومعناها. ينطلق المعنى الوجوديّ للإنسان من الحبّ ويتمّ من خلاله. نعم، نسمع كثيرًا في مجتمع هذا العصر عن حالاتٍ سلبيّةٍ وخبراتٍ فاشلةٍ تُطاول الحبّ والزَّواج والعائلة، لكن هناك أيضًا خبراتٌ كثيرةٌ تتّصف بالإيجابيّة. كي لا يذهب الحبّ في مهبّ الرِّيح أو يطغى عليه طوفان “الحضارة” والتِكنولوجيّا والتفلّت من المبادئ والقيم والمسلّمات، ونبذ الشرائع الإلهيّة والتَّحرُّر من القواعد الإنسانيّة والأخلاقيّة والتلطّي خلف الصُّعوبات والمشاكل والخيبات، وتمادي العنف الأسريّ والقتل باسم الحبّ والشَّرف وتكاثر حالات “الطَّلاق” وإعلان البُطلان (الفسخ) والهجر وإلى آخره، من أخبار تشوب حالة الحبّ ومظاهره، لذا يجب أن نشدِّد على إبراز “قضيّة” الحبّ بمبادئه وقِيَمِه وقُدسيته.
يبقى الحبّ جامع القلوب والعقول من أجل خير الإنسان. إنّه القوّة الفاعلة والأساسيّة في استمرار الحياة على الأرض وبين النَّاس. نعم، يبقى الحبّ غير المشروط أي المجّاني الَّذي يُحدِثُ تغييرًا جذريًّا في حياة الثُّنائي، لأنّه ينطلق من السَّخاء والثِّقة والإيمان بالآخر فيسود السَّلام ويعمّ بالفرح.
نعم، يبقى الحبّ قرارًا والتزامًا. إذا أدرك كلّ من الرَّجل والمرأة المتطلّبات الواجبة، حينها يدخلان في “حالة الفرح”.
نعم، يبقى الحبّ أقوى من الشُّعور والرَّغبة والمَيل والنَّشوة بل هو أيضًا الحنان والعطف. فالحبّ في الأساس وفي عمقه موقفٌ إيجابيٌّ من الشريك (الرَّجل والمرأة) من أجل الاهتمام براحته وطمأنينته ونموّه وسعادته…
نعم، إنّ العاطفة والشُّعور والإحساس والرَّغبة والإنجذاب تُؤجّج الغرام وبذلك يُصبح حبًّا وينمو يومًا بعد يوم.
نعم، بالرُّغم من كلّ شيءٍ فالحبّ لا ينتهي ولا يذوب ولا ينحلّ، بل يتجدّد دائمًا في قلوب الأحبّاء لأنّه رهان الحياة. بالرُّغم من التبدّلات والتحوّلات الَّتي تطرأ على حياة الشريكين  (الرَّجل والمرأة) يبقى الحبّ أقوى من الفشل ومن الموت.
نعم، الحبّ يدعّم احترام الذَّات والآخر، ويقوّي الشَّريك ولا يمتلكه بل يحرّره من ال”أنا” ويجعله منفتحًا على الآخر والمجتمع. “إنّ لقاء الحبّ يولد من الحريّة، ومن الحريّة يولد لقاء الحبّ”.
دعوتنا إلى الشَّباب والمتزوّجين، الإصغاء إلى صوت الحبّ الذي يخاطبهم بشتّى الوسائل والطُّرق، وهذا يتطلّب منهم الكثير من الإصغاء والحوار والتواصل والشَّراكة والتَّبصُّر والتَّمييز والمعرفة والشَّجاعة والسَّخاء والإقدام. فالمجازفة تستحق أن يخوضها أصحاب العِشق والغرام لتتحوّل حبّا عميقًا صادقًا صامدًا في وجه الأعاصير والطُّوفان والرِّياح الَّتي تعصف. نعم، يبقى الحبّ أقوى من كلّ شيء لأنّه الحبّ، ولأنّه فعل إيمانٍ وحضورٍ ورجاءٍ. نعم للحبّ، لأنّ الإنسان عندما يريد أن يحبّ حقًّا وبكلّ ما يطلبه الحبّ، فلا بدّ له أن يعبّر عن الحبّ وأن يحافظ عليه بالرُّغم من كلّ شيء. فالحبّ هو العيد الَّذي لا ينتهي.
 تعوزنا اليوم، أكثر من أيّ وقت مضى، “المعنويّات” والأمل والنظر إلى الإيجابيّات، وغيرها من مقوّمات حسنة، لكي نعزّز فكرة وحالة فرح الحبّ المتجدّد…..
ويبقى الحبّ.
الأب الدكتور نجيب بعقليني

أخصائي في راعوية الزواج والعائلة

Share this Entry

الأب د. نجيب بعقليني

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير