تعتبر القدّيسة كاترينا السيّانيّة أن “المؤمن” الذي يرغب بالصلاة وعيشها لا بدّ له، أولًا، أن يتحلّى بصفة “التواضع”؛ لأن المتواضع وحده يستطيع الصلاة. بحيث أن “الإنسان المتواضع” (مثل الفريسيّ والعشّار، لوقا 19/ 8-14) هو الذي يعرف “حجمه” أمام “عظمة خالقه”، ويعترف بنقصه وضعفه أمام “رحمة خالقه”، ويشعر “بفراغه” أمام “الكنز الإلهي الفيّاض”، فيذهب إلى الله باحثاً عن “إرادة فاديه”، وهو يثق ثقة كبيرة أن الله لا يردّ “المتواضعين” خائبي الظنّ.
أما المكان الذي يجب على المؤمن أن يبحث فيه عن الله ليصلّي من خلاله، هو “داخله”، أي أنّ المكان هو “صورة الله التي جبل عليها”، البحث عن الله في “داخله” قبل البحث عنه في قلب هذا العالم. لأن الله حاضر دائماً في “روح” كل إنسان، يخاطب “قلب المؤمن” من هناك.
تقسم القديسة كاترينا السيّانية الصلاة إلى خمس مراحل أساسية:
1-“صلاة الشوق” (صلاة مستمرّة، حبّ بين الخليقة وخالقها):
لا بدّ في بداية “طريق الصلاة”، أن يتمتّع الإنسان بهذا الشوق الداخلي نحو الصلاة، بالتوق الدائم إلى الصلاة، هذا الحبّ الكبير بأن يلتجأ إلى الصلاة للتكلم مع “الحبيب السماوي”. هذا “الشوق الدائم” الذي هو “نعمة من الله”، يعني أن هذا المؤمن قد اختبر في حياته “حبّ الله المجاني”، وهذا الاختبار أصبح “المحرّك الأساسي والدائم” في الحياة الروحية من خلال خلق “الإحساس المقدس” بمعانقة “المصلوب” من خلال الصلاة من جهة، ومن خلال البحث عن تقديس “روحه” من جهة أخرى.
2-“صلاة الكلام” (المؤمن يتكلّم، الربّ يسوع يصغي):
في هذه المرحلة، وبعد إدراك المؤمن “لصلاة الشوق”، يترجم هذه الصلاة من خلال “الكلمات”. أي من خلال تلاوة صلوات متعددة مثل صلاة الساعات، الأبانا والسلام، تراتيل متنوعة، صلوات ليتورجية وإلخ.
هنا تحذّر القدّيسىة كاترينا السيّانيّة من الوقوع في “الصلاة الوثنية” أي الاعتقاد بأن الأهميّة هي “لكميّة الصلاة” وليس “لنوعيّة الصلاة”.
(يتبع)