3- “صلاة العقل” ( الربّ يتكلّم، والمؤمن يصغي):
بعد “صلاة الشوق” وترجمتها من خلال الكلمات (صلاة العقل)، يدخل المؤمن إلى “عالم الصلاة” ويدرك بأن الصلاة هي “الحوار مع الله”. فيعيش المؤمن ما يعرف “بصلاة العقل” أي “التأمل” بما يصلّي، والإصغاء إلى “صوت الله” في حياته اليومية، هذا الصوت الذي هو “إجابة لصلواته اليومية”. فيتكلم الرب من خلال صوت داخلي (التأمل الذهني والروحي) أو من خلال الطبيعة والأحداث والأشخاص (التأمل العقلي المادي).
في صلاة العقل، “يذوق” المؤمن حضور الله اليومي في حياته. هذا الحب المجاني الذي اختبره المؤمن في بداية حياته الروحية الذي خلق عنده “صلاة الشوق”، فمن خلال “صلاة العقل” يختبره المؤمن “شبه يومياً” في حياته مدركاً ثماره ونعمه.
في صلاة العقل، “ترتفع الروح” نحو الله، فيأتي الله ليزورها ويعزّيها ويقويها…
تتميز صلاة العقل باستعمال “لغة الصوّر”، فيفكّر “العقل” عندئذٍ بما يقول، يتأمل بما يقول، فيفهم “إرادة الله” عليه في حياته، فتصبح حياته “مسيحية” أي “حسب قلب الله، وعلى صورة المسيح كمثاله”.
4- “الصلاة والحبّ الكامل” (النضوج في عيش الحبّ):
عند عيش “المسيحّية” التي هي من مفاعيل “الصلاة”، تحوّل هذه الأخيرة هذا المؤمن من “حبّ غير كامل” إلى “حبّ شبه كامل” من “صلاة غير كاملة” إلى “صلاة شبه كاملة”. أي نوعيّة “الحبّ” في حياة المؤمن ترتفع أكتر نحو إرداة الربّ يسوع الأخيرة “أحبّوا بعضكم بعضاً كما أحببتكم”، فيرتفع بحبّه نحو الآخر (القريب) ونحو الله (نوعيّة الصلاة).
إنّ تقدّم المؤمن في “الحبّ”، في هذه المرحلة، يساعده على عيش “الفضائل الإلهية” (1قورنتس 13/13) و”الفضائل الإنسانية” بنضوج وإدراك أكبر للحياة.
في هذه المرحلة، يعيش المؤمن مرات كثيرة نوع من الجفاف الروحي أو الصحراء الروحية، والتي هي ليست سوى اختبار للذات لتدرك كم أصبحت متعلّقة “بحبّ الله” حتى لو صمت الله، حتى لو غابت نعمه، حتى لو خيّم الظلام، إلخ. تعيش الروح حالة أيوب البارّ “هل أيوّب يتقي الله مجاناً”.
ثمار هذا المرحلة أن المؤمن يدخل ضمن “تاريخ ومشيئة الله الخلاصية له” بطاعة كاملة فيصبح “الحبيبة للحبيب يسوع” و”الابن لأمّه مريم، فيأخذها إلى بيته”. تدرك روح المؤمن “جنون الله” في حبّه لخليقته، وأن جوهر الإنسان هو “شعلة حبّ”، تتغذى “من نار الحبّ الإلهيّة”.
فتكون الإفخارستيا، هي هذا الاتحاد اليومي “الجسدي” مع الله، تلك “الجسر بين الأرض والسماء”.
5- الصلاة والاتحاد” (الاتحاد بالله):
تقول القدّيسة كاترينا السيّانيّة في هذه المرحلة من المسيرة الروحية، يدخل المؤمن في إتحاد “روحي/جسدي” مع الله، أي من جهة يعيش حقيقة أن جسده “هيكل الله”، بأنّه “على صورة الله كمثاله” من خلال أقواله وعيشه اليومي، فيصرخ على مثال القديس بولس الرسول “لست أنا أحيا بل المسيح يحيا فيّ”.
تلّخص القدّيسة هذه المرحلة بقولها “هنا لا نعود نعتبر وجودنا من أجل ذاتنا بل نعتبر ذاتنا موجودة من أجل الله أولاً، ومن أجل الآخر من خلال الله”.
تقول القديسة، في هذه المرحلة يسمح الله لبعض المؤمنين ببعض النِعَمْ الخاصة كعيش جروحات المسيح، أو مشاهدة رؤى سماوية، أو انخطاف روحي، أو إجراء معجزات وهم ما زالوا على قيد الحياة.
لقراءة الجزء الأول، أنقر على الرابط التالي:
https://ar.zenit.org/2022/05/05/%d9%81%d9%86%d9%91-%d8%a7%d9%84%d8%b5%d9%84%d8%a7%d8%a9-%d8%a8%d8%ad%d8%b3%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d9%82%d8%af%d9%91%d9%8a%d8%b3%d8%a9-%d9%83%d8%a7%d8%aa%d8%b1%d9%8a%d9%86%d8%a7-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%8a/