كثيرًا ما نتساءل هل الله ثالوث؟
هل الثالوث حقيقية أم خرافة؟
وكيف الله هو ثلاثة ولكن في الوقت عينه هو واحد؟
وأسئلة كثيرة ويغيب عن ذهننا بأننا لن نستطيع بهذا العقل البشري أن نحتوي كلّ حقيقة الله وهل نستطيع أن نملأ المحيط في جورة صغيرة على الشاطىء (حلم القديس إغسطينوس)؟
أكيد لا، وألف لا.
ما أحاول عرضه الآن ليس عرض فلسفي وليس حقيقة مطلقة عن الثالوث،
بل عرض صغير لاهوتي وتصوّفي
لمحاولة تبسيط فكرة الثالوث على قدر ما إستطاع “عقلي البشري” فهمه.
لمحاولة فهم سرّ الثالوث لا بدّ لنا أن نتأمل بسرّ الزواج المقدس وكيفيّة قيامه على الحبّ.
بما أنّ الله هو محبة، وجوهره المحبة. كذلك العائلة هي محبة وجوهرها المحبة وبما أنّ هذه الأخيرة تتطلب شريكين للقيام بعملية الحبّ لأن الواحد لا يستطيع أن يعيش الحبّ مع ذاته، فلا بدّ أن يكون شريكين زوج وزوجته أو حتى طرف ثالث “أولاد”. هكذا لا بدّ الله أن يكون ثلاثة، آب وإبن وروح القدس لعيش الحبّ وتفاعله. نعم الله ثالوث لأنّه محبة والمحبة تطلب وجود آخر لعيش الحبّ.
لأنّ جوهر العائلة حبّ، فالحبّ يجعل جميع شركائه متساويين. لأن الزوج يحبّ زوجته فهذا الحبّ يجعل من الزوجين متساويين في الكرامة والقيمة. نعم الحبّ يساوي الجميع مع الجميع. فاذا طالما الله هو ثالوث وجوهره محبة ولأن الآب يحبّ الإبن والروح القدس، والإبن يحبّ الآب والروح القدس، والروح القدس يحبّ الآب والابن، ولأن الحبّ واحد وكبير فقد جعل الآب واإبن والروح القدس متساوين في الجوهر والألوهة، للثلاثة يليق السجود والمجد والتبجيل.
الحبّ لا ينحصر بل يفيض. كما أنّ حبّ الزوجين عندما يكبر يوم بعد يوم، لا بد له أن يفيض يومًا من الأيام ليعطي الحياة أي الأولاد. هكذا أيضا الله الثالوث، لأن الآب والإبن والروح القدس حبّهم بين بعضهم البعض كبير جدًا، كبر يفوق العقل والإدراك، فهذا الحبّ فاض وأعطى الحياة، أعطى البشرية والأرض والسماء أعطى الخلق.
نعم،
تأمل بكل خلائق هذه الدنيا فتكتشف كبر حبّ الله، كبر حبّ الثالوث لبعضه البعض وللإنسانية.
ختامًا،
لا بدّ القول،
الله ثالوث وهو واحد، كما الحبّ الكبير في قلب العائلة يجعل الزوج والزوجة والأولاد واحد أمام المجتمع عائلة واحدة وبيت واحد، هكذا الحبّ الكبير بين الثالوث جعل الله واحد.
إخوتي، هنا لا بدّ وقفة ضمير،
هل حبّنا لبعضنا البعض حبّ ثالوثي؟
جوهر علاقتي مع الآخر حبّ؟!
هل الحبّ الذي يجمعني بالآخر، جعله متساويًا لي بالكرامة والقيمة وإلخ؟
هل الحبّ في صداقاتي وزواجي وعائلتي يفيض حياة؟
وقفة ضمير مباركة.