La Bible @ Robert Cheaib - flickr.com/theologhia

هل المسيحيّة تتفلسف في الحياة الروحيّة؟

الفلسفة الروحيّة – الجزء الأوّل

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

الفلسفة لغويًا من اليونانية “φιλοσοφία‏”، philosophia، والتي تعني حرفيًا «حب الحكمة»، هي دراسة الأسئلة العامة والأساسية عن الوجود والمعرفة والقيم والعقل والاستدلال واللغة. غالبًا ما تُطرح مثل هذه الأسئلة كمسائل بغية دراستها أو حلها ولربما من صاغ مصطلح “فيلسوف (محب الحكمة)” هو الفيلسوف وعالم الرياضيات فيثاغورس (570 – 495 قبل الميلاد). أما الأساليب الفلسفية، فتشمل الاستجواب والمناقشة النقدية والحجة المنطقية والعرض المنهجي. من جهتها، تشمل السؤالين الفلسفيين الكلاسيكيين ما يلي: هل من الممكن معرفة أي شيء وإثباته؟ وما هو الأكثر واقعية؟ يطرح الفلاسفة أيضًا أسئلة أكثر عملية وملموسة مثل: هل هناك طريقة أفضل للعيش؟ هل من الأفضل أن تكون عاداً أو غير عادل (إذا كان بإمكان المرء أن يفلت من العقاب)؟ وهل لدى البشر إرادة حرة؟

يبدو عنوان “الفلسفة الروحيّة” مستفزًّا في البداية، ولكن ذلك يعود إلى  القول الشائع للكلمة باللهجة اللبنانية، “جايي (هل أنت آتٍ) لتتفلسف عليَّ”. نعم، أتينا بمقالتنا هذه لنثير فضول القارئ في الذهاب نحو معرفة الفلسفة الروحيّة. فكلمة فلسفة حسب الفيلسوف الراحل كمال الحاج في كتابه “موجز الفلسفة اللبنانية” هي في الأصل عربية وتعني التحليل والتركيب. وهذان الفعلان موجودان في كل عملية منطقية وهما فعلان على خلاف الإسم يدلان على الإستمراريّة.

 في مقالتنا هذه، أتينا محاولين نقل بعض الروحانيات الكنسيّة الكثيرة، هذه الكنوز الكثيرة الموجودة داخل كنيستنا. في هذا الصدد، يقول القديس بولس في رسالته الأولى إلى أهل كورنتس 7: 7، “لكِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ لَهُ مَوْهِبَتُهُ الْخَاصَّةُ مِنَ اللهِ” إلّا أن هذه المواهب هي من عند الله ومصدرها الله، ففي كورنتس الأولى 12: 4 يذكر “إِنَّ المَواهِبَ على أَنواع وأَمَّا الرُّوحُ فهو هو”. إذًا، نقصد بهذه الفلسفة الروحيّة الذهاب إلى المواهب الروحيّة في الكنيسة.

يقول البابا فرنسيس في مقابلته العامة في 1 تشرين الأول 2014: “عندما نتحدث عن “المواهب”، في اللغة العامة، غالبًا ما نعني “مهارة” وقدرة طبيعية، فنقول على سبيل المثال: “هذا الشخص لديه موهبة خاصة للتعليم” إنها مهارة، وهكذا أمام شخص لامع يُقال عادة: “إنه شخص موهوب”. أما من وجهة النظر المسيحية فالموهبة هي أكثر من مجرّد صفة شخصية وقدرة طبيعية يمكن التنعُّم بها: فالموهبة هي نعمة، عطية يمنحها الله الآب من خلال عمل الروح القدس. وهي عطية تُمنح لشخص ما لا لأنه أكفأ من الآخرين أو يستحقها: إنها هبة من الله كي يضعها، بالمجانية نفسها والمحبة عينها، في خدمة الجماعة بأسرها ومن أجل خير الجميع. وبالتالي عندما نتحدث بطريقة بشريّة نقول إن الله يمنح هذه المواهب لهذا الشخص لا ليحتفظ بها لنفسه وإنما ليضعها في خدمة الجماعة كلها”.

فرنسيس الأسيزي دعي من المعارك (الحروب الصليبية) ليخوض معركة الله ضد الفساد الحاصل في ذلك الوقت، فموهبته الخاصّة وفروسيته جعلته ينقل حربه هذه للشباب المحيطين به، ويؤسس لرهبانية الإخوة الأصاغر الفرنسيسكان. وفي لبنان أتى ثلاثة شبّان إلى البطريرك المكرّم إسطفان الدويهي ليؤسسوا ويعيدوا الحياة الرهبانيّة في لبنان والطائفة المارونيّة. ومع إنطلاق المجمع الفاتيكاني الثاني وروحانيّته، أتى الفنان كيكو أرغوييو مع فتاة شابّة تدعى كارمن هيرنديز والأب ماريو ليبدأوا معًا طريق الموعوظين الجديد – تنشئة مسيحيّة للبالغين – لينطوي تحته الآلاف من الأشخاص. والحاصل أن كلّ هذه مواهب هي داخل كنيستنا الأمّ. على ضوء هذه المقدّمة سنخوض رحلة البحث عن روحانيّات عديدة داخل الكنيسة لتكون فلسفة روحيّة غايتها أن تأتي لتحلِّلَ حياة الشخص البشريّ وتركِّب التعقيدات بقيادة الروح وموهبة من الآب لمعرفته وخلاصه عبر يسوع المسيح.

يتبع

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

سليمان فرنجيه

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير