Peter Paul Rubens - Immaculate Conception - Wikimedia Commons

بتوليّة مريم المعصومة من الخطيئة الأصلية

عيد الحُبل بها بلا دنس

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry
منذ أن وضعت الكنيسة المقدسة الصيغ الأولى للإيمان ، اعترفت بأن يسوع حُبِلَ بِهِ ، بقدرة الروح القدس في أحشاء العذراء مريم ، مؤكدةً بذلك المظهر الجسديّ لهذا الحدث الإلهيّ . هذا ما اثبته مجمع لاتران سنة ٦٤٩. رأى الآباء أن الحبل البتوليّ هو علامة على أن ابن الله حقًا هو من حلّ بيننا نحن البشر ” والكلمة صار بشراً فسكن بيننا “( يوحنا ١ : ١٤ ) .
كتب القديس اغناطيوس الإنطاكي ، في مطلع القرن الثاني : ” قناعتكم أكيدة، بأن ربنا ” مولود بحسب الجسد من ذريّة داود من حيثُ إنّهُ بشر ، وجُعِلَ ابن الله في القوةِ بقيامته من بينِ الأموات من حيث إنّهُ رُوحُ القداسة ، الا وهو ربُّنا يسوعُ المسيح ، بهِ نِلْنا النِّعمة ” ( رومة ١ : ٣ – ٤ )، وأنه ابن الله بحسب مشيئة الله (يوحنا ١: ١٣)، وقد ولد فعلاً من عذراء … وأنه صلب من أجلنا في عهد بيلاطس البنطي، وأنه تألم وقبر وقام …”  (قانون الإيمان)
تعليم الكنيسة الكاثوليكيّة
إن الروايات الإنجيليّة (متى ١ : ١٨ -٢٥) ، ( لوقا ١ : ٢٦ – ٣٨) تعبّر عن الحبل البتولي كفعل إلهي يتجاوز كلّ إدراك وإمكان بشريّ . ( لوقا ١ : ٣٥) . ” الذي حبل به فيها هو من الروح القدس “، هذا ما قاله الملاك ليوسف بخصوص مريم خطيبته (متى ١ : ٢٠) ، ترى الكنيسة في ذلك انجازاً للوعد الإلهي الذي أبلغ بواسطة أشعيا النبي : ” ها إن العذراء تحبل وتلد ابناً (أشعيا ٧ : ١٤) ،  ( متى ١ : ٢٣)
لا يمكن فهم عقيدة الحبل بلا دنس إلا على ضوء الإيمان الذي يراه ” في ترابط الأسرار بين بعضها ” ، أي أسرار المسيح : تجسده وقيامته . شهد القديس اغناطيوس الإنطاكي لهذا الترابط . ” تجاهل أمير هذا العالم بتولية مريم وأمومتها ليسوع، كما تجاهل موت الربّ وقيامته”
مريم ” الدائمة بتوليتها”
” إن تعميق إيمان الكنيسة ببتولية مريم وأمومتها، جعلها تعترف بأن مريم “دائمة البتولية”، بعد حبلها وولادة أبن الله المتأنس . في الواقع ، لم يقلل ميلاد المسيح من بتوليّة مريم ، بل كرّسها . لذلك تصف الليتورجيا الكنسية المقدسة مريم العذراء ” بكُليّة القداسة والدائمة البتوليّة والطهارة ” .
تبرز أحياناً بعض الاعتراضات المستندة إلى أن الأناجيل أخبرت عن إخوة وأخوات ليسوع ( غلاطية ١ : ١٩).
اعتبرت الكنيسة أن هذه المقاطع الإنجيلية لا تشير إلى أولاد آخرين لمريم العذراء : فيعقوب ويوسف ” أخوا يسوع ” (متى ١٣ : ٥٥) هما إبنا مريم تلميذة يسوع ( متى ٢٧ : ٥٥ – ٧٥ )، التي أشير إليها بصورة معبّرة ، على أنها :  ” مريم الأخرى ” (متى ٢٨ : ١) . المقصود هنا أقرباء يسوع ، كما عبر العهد القديم عن القربى في (تكوين ١٣ : ٨ ) و ( ١٤ : ١٦ )
” يسوع هو الإبن الوحيد لمريم . لكنّ أمومة مريم الروحية تشمل جميع البشر الذين أتى يسوع ليخلّصهم . ” ولدت ابن الله ” ليكون هذا بكرًا لإخوة كثيرين ”  (رومة ٨ : ٢٩) ، وهؤلاء هو الذين آمنوا وسيؤمنون بفضل التعليم والتربية والعطف المريمي الذي يشمل البشريّة .
مريم هي سيّدة الحبل بلا دنس ، لأنها حبلت من الروح القدس ، دون خطيئة .
وهي عذراء لأنها أم أبن الله النازل من السماء ، ولم تحبل بزرع بشريّ .
عندما نتحدّث عن الحبل بلا دنس ، فإننا نتحدّث عن مريم العذراء الكليّة القداسة ، التي حبل بها من الروح القدس ، منذ تكوينها ، وظلّت أمينة للروح القدس ذاته طوال حياتها .
+المطران كريكور اوغسطينوس كوسا
اسقف الاسكندرية  للأرمن الكاثوليك
Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

المطران كريكور أغسطينوس كوسا

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير