“تعالوا إليَّ جَميعاً أيُّها المُرهقون المُثقلون ، وأنا أُريحُكم . احمِلوا نيري وتَتَلمَذوا لي فإنّي وَديعٌ مُتواضٍعُ القلب ، تَجِدوا الرَّحةَ لِنُفوسِكم ، لأنَّ نيري لَطيفٌ وحِملي خفيف ” ( متى ١١ : ٢٩ – ٣٠ )
يا ربّنا يسوع المسيح أنت دعوتنا وقلت لنا: ” اِحمِلوا نيري وتَتَلمَذوا لي فإِنِّي وَديعٌ مُتواضِعُ القَلْب، تَجِدوا الرَّاحَةَ لِنُفوسِكم ” (متى ١١ : ٢٩). يا ملك السماوات القدير، أجل ، إنّ نفوسنا تجد الراحة فيك ، من خلال رؤيتك ، أنت الذي ” تجَرَّدَتَ من ذاتِكَ واتّخذت صورة العبد” (فيليبي ٢ : ٧)، وتواضعتَ إلى حدِّ غسل أقدام تلاميذك . نذكر جيداً كلماتك التي لفظتها ليلة العشاء السرّي لتعلّمنا كيفيّة ممارسة التواضع : ” فقَد جَعَلتُ لَكُم مِن نَفْسي قُدوَةً لِتَصنَعوا أَنتُم أَيضاً ما صَنَعتُ إِلَيكم. الحَقَّ الحَقَّ أَقولُ لَكم : ما كانَ الخادِمُ أَعظِمَ مِن سَيِّدهِ ولا كانَ الرَّسولُ أَعظَمَ مِن مُرسِلِه . أَمَّا وقد عَلِمتُم هذا فطوبى لَكُم إِذا عَمِلتُم بِه “( يوحنا ١٣ : ١٥ – ١٧ ).
لقد فهمنا ، يا ربّ ، هذه الكلمات التي خرجَتْ من قلبك الوديع والمتواضع ، نريد أن نعمل بها بمساعدتك وبمعونة نعمتك .
يا يسوع الحبيب ، لم يكن لأحد أيّ حقّ عليك ، لكنّك لم تكتفِ بطاعة العذراء مريـم القدّيسة والقدّيس يوسف البار ، بل أطعتَ أيضاً الذين حكموك وجلدوك وأهانوك . إنّنا نراك الآن تمارس أقصى درجات الحُبّ في القربانة المقدسة . يا له من تواضع . يا ملك المجد الإلهي، أنت تُخضع نفسك لجميع كهنتك بدون تمييز بين أولئك الذين يحبّونك ، وأولئك الذين هم ، ولسوء الحظّ ، فاترين أو باردين في خدمتك .
عند نداء كهنتك اسمك القدّوس أثناء القداس الإلهيّ ، تنزل من السماء لتطعم الجائعين وتشفّي المرضى ، وخاصة لتغفر الخطايا … يا يسوع الحبيب ، تحت وشاح القربانة البيضاء، كم تبدو لنا وديعاً ومتواضع القلب ! لتعلّمنا التواضع، نعم ، لا يمكنك أن تتّضع أكثر من ذلك … بل علينا أن نتعلّم منك ، لأنك أنت الطريق والحق والحياة . أنت البداية والنهاية ، أنت الألف والياء .
أيُّها الرب يسوع ، أن تعرف ضعفنا البشري ، وابتعادنا عنك . ففي كلِّ صباح، نتّخذ القرارات بممارسة التواضع وعمل الخير ، وخدمة ومحبة الآخر . وفي المساء، نعترف بأنّنا ارتكبنا أخطاء الغرور والكبرياء والنميمة ومحبة الذات وغيرها … عندها، يكاد اليأس يتملّكنا ، لكنّنا نعرف أنّ اليأس هو أيضاً غرور . يا ربّ، نريد أن يكون رجاءنا فيك وحدك ، بما أنّك قادر على كلّ شيء، أخلق في نفوسنا الفضيلة التي نريد للتمثّل بكَ . وللحصول على هذه النعمة من رحمتك اللامتناهية، سنكرّر لك باستمرار وثقة :
” يا يسوع الوديع والمتواضع القلب، اجعل قلبنا مثل قلبك ” .
صلاة
يا يسوع صاحب القلب الأقدس ، إننا نسجد لقداستك اللامتناهية . إن قلبك الإلهي هو الأسمى والأطهر والأقدس والأنقى على الإطلاق ، وقد شملت جنسنا البشري بمحبة لامتناهية ، لا توصف . فإجعل قلبنا مثل قلبك ، واخلق فينا ” قلباً نقياً ” يحب ويتحنن ، يغفر ويسامح .
يا يسوع أنت الكمال بعينه، والقداسة يذاتها ، ورغم كل ما قاسيته من أجلنا ، لم تصدر عنك أي هفوة أو كلمة تأنيبية . هبنا يا يسوع ” قلباً مُحبّاً ” على مثالك ، فنتغاضى عن إساءات الآخرين وأخطائهم وهفواتهم، فنغفر ونسامح .
يا يسوع يا ذات النور الحقيقي ، ” انت نور العالم ، من يتبعك فلا يمشي في الظلام ” ( يوحنا ٨ : ١٢ ) ، يا شمس الأقطار، ليشرق نورك في ظلماتنا، فندرك أنك نور الناس، والنور الحق الآتي إلى العالم والمنير كل إنسان، فنهتدي بنورك ونتقدس بكليتنا، فيصير قلبنا مثل قلبك .
يا يسوع الوديع والمتواضع القلب ، إجعل قلبنا مثل قلبك . آمـيـن .
+المطران كريكور اوغسطينوس كوسا
اسقف الاسكندرية للأرمن الكاثوليك