لا تخف ، يا زكريّا ، فقد سُمِعَ دُعاؤُكَ وسَتَلِدُ لكَ امَرأَتُكَ أَليصابات ابناً فَسَمِّ يوحنا . وستَلْقى فَرَحاً وابتِهاجاً، ويَفرَحُ بِمَولِدِه أُناسٌ كثيرون . لأنَّه سيكونُ عظيماً
أمام الرّبّ … ويمتلىُّ من الرُّوح القُدُس وهو في بَطْنِ أُمِّهِ … فَيُعِدُّ للارّبِ شعباً مُتأَهِّباً ” ( لوقا ١ : ١٣ – ١٧ ) .
لقد أعدّ الله منذ البدء يوحنّا المعمدان ليأتي ويبشّر بمن هو خلاص وفرح البشريّة وسعادة السّموات .
قال يوحنا : ” أنا صوتُ مُنادٍ في البَرِّيَّة : قَوِّموا طَريقَ الرَّبّ ” ( يوحنا ١ : ٢٣ ) ، فَمِن فمه ، سمع العالم كلمات رائعة تبشّر بحضور مخلّصنا يسوع المسيح ، ” هوذا حَمَلُ اللهِ الذي يَرفَعُ خطيئةَ العالم ” ( يوحنا ١ : ٢٩ ) .
حين فقد زكريّا واليصابات الأمل في الحصول على ذرّيّة ، بشّرهم به الملاك -رسول السّرّ العظيم- ليكون شاهداً للرّبّ حتى قبل ولادته ” فَلَمَّا سَمِعْت أليصاباتُ سلامَ مَرْيَم ، ارتكض الجنينُ في بطنها ، وامتلأَت من الرُّوح القُدُس ” ( لوقا ١ : ٤١ ) .
لقد ملأ يوحنّا حشا أمّه سعادة أبديّة عندما كانت تحمله في داخلها . نقرأ في الانجيل الكلمات التي وجّهتها إليصابات لمريم : ” مِن أَينَ لي أَن تَأتِيَني أُمُّ رَبِّي ؟ فما إِن وَقَعَ صَوتُ سَلامِكِ في أُذُنَيَّ حتَّى ارتَكَضَ الجَنينُ ابتِهاجاً في بَطْني” ( لوقا ١ : ٤٣ – ٤٤ ) . في حين أنّها كانت حزينة في شيخوختها لأنّها لم تعطِ زوجها طفلاً ، فجأة ولدت ابناً كان بدوره مبشّرًا بالسّلام الأزلي للعالم أجمع . فهو كان رسولاً حتى قبل ولادته ، لقد مارس عمله المستقبلي عندما نشر روح نبوءته في كلمات أمّهِ .
ثمّ، بقوّة الاسم الذي أعطاه إيّاه الملاك مسبقاً، فتح فم أبيه الذي أقفله عدم إيمانه ( لوقا ١ : ١٣ ٢٠ ) . وعندما أصبح زكريّا أخرسًا، لم يحصل ذلك ليبقى أخرسًا حتى آخر أيّام حياته ، بل ليستعيد بعطفٍ إلهي استعمال الكلمة، وليؤكّد بإشارة سماويّة أنّ ابنه نبي
يقول الإنجيل عن يوحنّا : ” جاءَ شاهِداً لِيَشهَدَ لِلنَّور فَيُؤمِنَ عن شَهادتِه جَميعُ النَّاس. لم يَكُنْ هو النُّور بل جاءَ لِيَشهَدَ لِلنُّور” ( يوحنا ١ : ٧ – ٨ ). فهو طبعاً لم يكن النّور، ولكنّه كان كلّه في النّور، هو الذي استحقّ أن يشهد للنور الحقيقي يسوع المسيح.
صلاة لأجل طلب شفاعة مار يوحنا المعمدان :
يا نسيب الرب ونبي الله ، الذي لم يقم في مواليد النساء أعظم منه يا من اعتزلت الدنيا ورغد العيش وسكنت القفر منصرفاً إلى عبادة الله مع أنك قد تقدست قبل مولدك ، أبتهل إليك أنا الذي ولدت بالخطيئة وأسعى وراء الغرور والأباطيل ، أن تشفع بي لدى المخلص لأقمع جسدي وأروض قلبي بالعبادة الحارة إلى أن أدرك الغاية التي خلُقت لأجلها آمين.
+المطران كريكور اوغسطينوس كوسا
اسقف الاسكندرية للأرمن الكاثوليك