Statues de Marie et de l'archange Gabriel @ L'Ile-Bouchard

أنا أمة الربّ

تأمّلات في الشهر المريميّ

Share this Entry
إنّ مريم العذراء بقولها للملاك جبرائيل: “ أنا أَمَة للرب” ، منذ تلك اللحظة شاركت في التدبير الخلاصي، أي بخضوعها لمشيئة الله الآب محب البشر . ولهذا تكرمها الكنيسة المقدسة ، وتطلب شفاعتها لأنها والدة الله القديسة .
إن السيد المسيح نفسه نفّذ رغبة أمه الكلية القداسة أثناء عرس قانا الجليل ( يوحنا ٢ : ١ – ١٢ ) ، لهذا السبب  ومنذ القِدم ، تُكرمها الكنيسة المقدسة ، وقد خصصت لها صلوات تقام أيام الاسبوع ،وشهري مايو / أيار ، واغسطس / آب لتكريمها.
إن شهر مايو / أيار هو الشهر الذي خصصته أُمنا الكنيسة المقدسة لإكرامها .
شهر مايو / أيار ، هو شهر الربيع ، شهر الورود والزهور ، شهر الجمال والحياة والتجدد . فكما إن الورد في شهر مايو/  أيار يملأ الدنيا ائحة عطرة وجمالاً خلاقاً ، كذلك أمنا العذراء يفوح منها عطر قداستها وشفاعتها في سماء الكنيسة المقدسة والعالم أجمع. تاريخ الشهر المريمي :
إن الأب حنا نادازي اليسوعي هو أول من وضع كتاب صغير يختص بالشهر المريمي فيه ٣١ تأملاً، وذلك سنة ١٦٦٤ ، وسماه المحب لمريم.
وأما الفضل في تعيين هذا الشهر لإكرام والدة الله فيعود إلى أبوين يسوعيين هما الأب كسافير جاكولة السويسري، والأب انيبال ديونيزي الإيطالي.
إن الأب كسافير طبع كتابه سنة  ١٧٢٤ في ديلغن في ألمانيا وسماه : الشهر المريمي  وترجمته (البتول الطاهرة وفضائلها).
وأما الأب انيبال ألف كتاب مضمونه التعبّد لمريم في شهر مايو / أيار سنة ١٧٢٦ . ولكن قبل هذا كانت الكنيسة الغربيّة تكرّم مريم خلال شهر مايو /  أيّار، بطريقة متواضعة ومحليّة دون انتشار واسع. ففي القرن الرابع عشر كان الراهب الدومينيكي هنري سوزو، في فترة تفتّح الورود ، يدعو المؤمنين إلى تحضير أكاليل من الزهر والورود للعذراء الطاهرة . وفي العام ١٥٤٩  طبع الراهب البنديكتي زايدل كتاباً عنوانه “شهر أيّار الرّوحيّ”، وفي الحقبة عينها كان القديس فيليبو نيري يدعو الشبيبة إلى إكرام العذراء إكراماً خاصّاً في شهر مايو /  أيّار، وكان يجمع الأطفال والشبيبة حول مذبح العذراء مريم والدة الإله  ليقدّموا لها مع الورود ، الفضائل الروحيّة التي كانوا يريدون أن يعيشوها .
أمّا في مدينة كولونيا الألمانية، فكان تلاميذ الآباء اليسوعيّين يقومون برياضة روحيّة في شهر مايو / أيّار إكراماً لمريم، وفي مقاطعة الألزاس ، حيث كانت جماعة من الصبايا المكرّسات تذهبن  من بيت إلى بيت لجمع الورود لتزيين مذابح العذراء خلال شهر مايو // أيّار.
وفي القرن السادس عشر والسابع عشر بدأ الآباء الكبّوشيّون والفرنسيسكان بالاهتمام بهذا الشهر، فكتب الراهب الكبّوشيّ ثلاثين قصيدة مريميّة لإكرام العذراء مريم فيشهر مايو /  أيّار، وفي نابوليّ بدأ الفرنسيسكان يصلّون صلاة فرض العذراء في كنيسة القديّسة كلارا الملكيّة. أمّا الدومينيكان فبدأوا، سنة  ١٧٠١ 1701، في مدن فييزوله وغريزانا وفيرونا وجنوا الإيطالية بتكريم مريم طوال شهر مايو / أيّار.
إنتشار تكريم العذراء والدة الإله :
من إيطاليا انتقل هذا الإكرام المريمّي لشهرمايو /  أيّار إلى فرنسا عشيّة الثورة الفرنسيّة، لكن خلال الثورة العظمى قد خَفتَ الإكرام لمريم البتول حيث كان الأب ألفونس موزارلي اليسوعي قد ألّف كتابه النفيس “ الشهر المريمي” المطبوع سنة ١٧٨٥ ، وهذا الأب له نفوذ كبير بين الكاثوليك وخاصة لأنه قد خدم الكرسي الرسولي ورافقالبابا  بيوس السابع في منفاه إلى فرنسا. وبعد ذلك الحين اثبتوا الباباوات بسلطانهم الإكرام لمريم في شهر مايو / أيار وشجعوا على ممارسة الكتب المريمية لا سيما التي تختص بشهر مايو / أيار، ولم تنحصر عبادة الشهر المريمي في حدود قارة اوروبا بل تجاوزتها مع المرسلين الكاثوليكيين فازدهرت في أميركا وآسيا حتى انتهت إلى الشرق الأقصى. وبدأ هذا الشهر يأخذ أهمّيته في الشرق عامة وفي لبنان وسوريا وفلسطين خاصة، نتيجة لعمل المرسلين والمبشّرين اللاتين، من يسوعيّين وكبّوشيّين وفرنسيسكان ودومينيكان وآباء العازريين، فانتشرت هذه العادة في ربوعنا وصار شهر مايو /  أيّار شهر مريم، وهو لم يكن بجديد على الشرقيّين الّذين بدأوا بإكرام مريم في شهر مايو / أيار قبل دخول هذه العادة إلى الكنيسة الغربية بحوالي الألف سنة.
إن الحديث عن مريم وتكريمها كثير جداً، لذا لا بد أن نعي المعنى الليتورجي لمريم العذراء أم الرب، لنكرّمها أحسن إكرام. إذ ليس في الأسماء بعد اسم يسوع اسم أحب على قلوب المسيحيين، كإسم مريم فهو حلاوة في قلوبهم.
يا مريم العذراء ، يا أم الله ، يا أم الكنيسة ، يا أُمنا ، نضع حياتنا في خدمتكِ كملكة ، كما كنت انتِ خادمة للآب الذي اختارك لتكوني أُماً لإبنه المتجسد منكِ ،  أعطنا أن نتعلم منك الطاعة ونعيش طاعتكِ للآب و الابن و الروح القدس.
+ المطران كريكور اوغسطينوس كوسا
اسقف الإسكندرية للأرمن الكاثوليك
Share this Entry

المطران كريكور أغسطينوس كوسا

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير