ترجمة ندى بطرس
مساء الأحد 26 تشرين الأوّل، ترأّس البابا لاون الرّابع عشر قدّاساً تخلّلته السيامة الأسقفيّة للمونسنيور ميروسلاف ستانيسلاف فاشوفسكي البولنديّ الأصل، والذي عُيِّن مؤخّراً سفيراً بابويّاً في العراق، بعد خدمة طويلة من التّمثيل الحبريّ في السنغال وبولندا ولدى منظّمات دوليّة في فيينا وفي أمانة سرّ الدولة الصّغيرة، وأمانة سرّ العلاقات مع الدّول، حيث “عاش الدبلوماسيّة كطاعة لحقيقة الإنجيل بتقدير وكفاءة وتفانٍ”.
في تفاصيل العظة التي نشرها القسم الفرنسي من زينيت، قال البابا إنّ الشّعار الذي اختاره المونسنيور “المجد لله والسلام للناس” يُذكّر بنشيد الملائكة في بيت لحم “المجد لله في العلى وعلى الأرض السلام”، مُضيفاً أنّ هذا مشروع حياة: “البحث الدائم عن تسليط الضوء على مجد الله في السلام بين البشر. هذا هو معنى دعوة الأسقف: إبراز تمجيد الله والرغبة بمصالحة العالم معه، وذلك بطريقة عيشه حياته”.
ثمّ تأمّل البابا بإنجيل الفرّيسي والعشّار، مُقتصّاً منه الأمثولة التي يجب أن يتعلّمها كلّ أسقف: التواضع، تواضع القلب الذي يعرف كيف يكون خادماً وليس سيّداً، راعياً وليس صاحب القطيع.
كما وتطرّق الأب الأقدس إلى أصول المونسنيور ميروسلاف، قائلاً له: “لقد أتيتَ من أرض البحيرات والغابات حيث الصمت سيّد الموقف وحيث تعلّمتَ التأمّل… الفجر المبكر علّمك انضباط القلب، وحبّ الطبيعة أظهر لك جمال الخالق. هذه الجذور ليست فقط ذكرى، بل مدرسة دائمة. مِن صلتك مع الأرض، تعلّمتَ أنّ الخصوبة تولد من الانتظار ومن الإخلاص، وهاتان كلمتان تُحدّدان أيضاً الخدمة الأسقفيّة. فالأسقف مدعوّ إلى أن يزرع بصبر، أن يحصد باحترام وأن ينتظر برجاء. إنّه حارس وليس مالِكاً؛ إنّه رجل صلاة وليس حيازات. الربّ يوكل إليك مهمّة العناية بنفس التكرّس الذي يبذله المزارع في حقله: كلّ يوم، بثبات وإيمان”.
وأضاف البابا: “أنت مدعوّ لخَوض معركة الإيمان، ليس ضدّ الآخرين بل ضدّ تجربة الملل والانغلاق وقياس النتائج. إنّها معركة عليك أن تبقى فيها مُخلصاً وأن تخدم بتواضع وكفاءة. فبحسب القدّيس يوحنا بولس السادس، الممثّل الرسولي هو رمز لعناية خليفة بطرس لدى كلّ الكنائس. وهو مُرسَل لتثبيت الشّراكة، تعزيز الحوار مع السُلطات المدنيّة وحماية حرّية الكنيسة مع تعزيز خير الشّعوب. السفير البابويّ ليس دبلوماسيّاً اعتياديّاً، بل هو وجه كنيسة ترافق وتعزّي وتبني الجسور. رسالته لا تقضي بالدفاع عن المصالح بل بخدمة الشّراكة. وفي العراق، أرض رسالتك، هذه الخدمة تتّخذ معنى خاصّاً، مع تعدّد الطوائف والتقاليد… إنّها موزاييك ثقافات وتاريخ وإيمان…”
في نهاية عظته، لفت البابا لاون الرّابع عشر إلى أنّ “أرض العراق – أرض أبينا إبراهيم الذي سمع فيها صوت الله – استقبلت لأوّل مرّة حبراً أعظم سنة 2021 كحاجّ في الأخوّة”، خاتماً بنداء: “عليك أن تتابع طريق الرجاء، أن تشجّع التعايش المُسالم، وأن تُظهر أنّ دبلوماسيّة الكرسي الرسولي تولد من الإنجيل وتتغذّى من الصلاة… كُن رجل شراكة وصمت وإصغاء وحوار. فلتحمل كلماتك اللّطف الذي يبني، ونظراتك السّلام الذي يُعزّي. في العراق، لن يعرفك الشعب بما ستقوله، بل بالطريقة التي ستحبّ بها”.
