من هو القديس نيقولاوس؟
كان من مدينة مورا ، اسم أبيه ابيفانيوس وأمه تونة . و قد عاشا حياتهما بخوف الله وتقواه . و لم يكن لهما ولد يقر أعينهما ويُفرّح قلبهما و بعد موتهما يرث غناهما .
ولما بلغا والدا الطفل نيقولاوس سن اليأس، تحنن الله عليهما و رزقهما هذا الطفل القديس ، الذي امتلأ بالنعمة الإلهية منذ طفولته . و لما بلغ السن التي تؤهله لتلقي العلم ، أظهر ذكاءه ان الروح القدس كان يلهمه من العلم والحكمة والفطنة أكثر مما كان يتلقى من المعلم . و منذ حداثته تعلم كل تعاليم الكنيسة المقدسة وتعمّق في دراستها . فرُسم شماساً ثم ترهب في دير كان ابن عمه رئيسا عليه ، فعاش عيشة النسك والزهد و الجهاد الروحي و الفضائل المسيحية حتى رُسم كاهناً و هو في التاسعة عشرة من عمره .
نيقولاوس صانع المعجزات:
منح الله نيقولاوس موهبة عمل المعجزات و شفاء المرضي ، حتى يعجز اللسان عن وصف ما أجراه من آيات و قدمه من إحسانات و صدقات للفقراء . و منها انه كان بمدينة مورا رجل غني اجنى عليه الدهر و فقد ثروته حتى بدأ يحتاج للقوت اليومي الضروري ، و كان له ثلاث بنات قد جاوزن سن الزواج و لم يزوجهن لسوء حالته فوسوس له الشيطان أن يوجههن للعمل في أحد الملاهي ، و لكن الرب كشف للقديس نيقولاوس ما إعتزمه هذا الرجل في قلبه ، فاخذ من مال أبويه مائة دينار ، وضعها في كيس و تسلل ليلاً دون إن يشعر به أحد و ألقاها من نافذة منزل هذا الرجل، و كانت دهشة الرجل عظيمة عندما وجد الكيس ، و فرح كثيراً و استطاع إن يزوًج بهذا المال ابنته الكبرى . و في ليلة أخرى كرَّر القديس نيقولاوس عمله و القى بكيس ثانٕ من نافذة المنزل ، و تمكن الرجل من تزويج الابنة الثانية .
القديس نيقولاوس ( نيقولا ) هو الشخصية الحقيقية وراء قصة سانت كلوز أو بابا نوئل :
أراد هذا الرجل إن يعرف ذلك المحسن الذي يأتيه بالمال ، فلبث ساهراً يترقب ، و في المرة الثالثة لما شعر بسقوط الكيس اسرع للفور إلى خارج الدار ليرى من الذي ألقى النقود ، فلما عرف انه الشاب الطيب نيقولاؤس ، للحال سجد عند قدميه و شكره كثيراً على مساعدته ، وخاصةً لأنه أنقذ فتياته من الفقر ، وللمال الذي يحتاجه يومياً ، و لما كن سيتعرضن له فتياته من إرتكاب الخطايا .
لم يقبل نيقولاوس أن يشكروه ، بل، طلب منهم إن يشكروا الله الذي ألهمه هذه الفكرة ووضعها في قلبه . و منها طرد شياطين من أناس كثيرين ، و شفى مرضى عديدين ، و على مثال معلمه الإلهي يسوع المسيح ، كان يبارك في الخبز القليل فيشبع منه جمع غفير ، و يفضل عنه اكثر مما كان لديه أولا .
بهذه الأعمال عُرٍف القديس نيقولاوس بأنه هو الشخصية الحقيقية وراء قصة سانت كلوز أو بابا نوئل الذي يترك الهدايا للأطفال ليلة عيد الميلاد المجيد.
إنتخابه أسقفاً :
و قبل إنتخابه لدرجة الأسقفية رأى ذات ليلة في حلم كرسياً عظيماً ، و حلة بهية موضوعة عليه ، و صوتاً يقول له : ” البس هذه الحلة و أجلس على هذا الكرسي ” ، وفي ليلة أخرى رأى السيدة العذراء تناوله الملابس الكهنوتية، والسيد المسيح يعطيه الإنجيل المقدس .
ولما تنيح أسقف مورا ، ظهر ملاك الرب لرئيس الأساقفة في الحلم و اعلمه بان المختار لهذه الرتبة المقدسة هو الاب نيقولاوس ، واعلمه بإيمانه وبفضائله، و لما استيقظ رئيس الأساقفة ، أخبر الأساقفة بما رأى فصدَّقوا الرؤيا، وعلموا انها من السيد المسيح ، و اخذوا القديس ورسموه أسقفاً علي مورا . و بعد فترة أتى الملك دقلديانوس ونشر عبادة الأوثان والأصنام، و لما قبض على جماعة من المؤمنين بالمسيح ، و سمع بخبر القديس نيقولاوس ، قبض عليه و عذبه كثيراً عدة سنين ، و كان السيد المسيح يقيمه من العذاب سالماً ليكون غصناً كبيراً في شجرة الإيمان . و لما ضجر منه دقلديانوس ألقاه في السجن .
وهو في السجن كان يكتب رسائل إلى رعيته من خلالها يشجعهم و يثبتهم في الإيمان .
وهو في السجن اهلك الله دقلديانوس ، و أقام قسطنطين الملك البار ، فاخرج الذين كانوا في السجون من المعترفين والمؤمنين بالمسيح ، و كان القديس نيقولاوس من بينهم ، وعاد إلى كرسيه ليخدم شعبه .
و لما اجتمع مجمع نيقية سنة ٣٢٥ ميلادية لمحاكمة اريوس كان هذا الاب القديس بين الأباء المجتمعين . و لما اكمل سعيه في الخدمة والتبشير وصنع المعجزات ، إنتقل إلى الرب بعد إن أقام على الكرسي الأسقفي أربعين سنة ونيف . و كانت سنو حياته تناهز الثمانين سنةً قضاها بالتقشف والقداسة .
+المطران كريكور اوغسطينوس كوسا
اسقف الاسكندرية للأرمن الكاثوليك
