مدريد الفاتيكان، 21 نوفمبر 2007 (ZENIT.org). – تلقى المشاركون في المؤتمر التاسع للكاثوليك والحياة العامة، الذي عقد في مدريد من 16 إلى 18 نوفمبر الجاري، تلقوا تشجيع البابا بندكتس السادس عشر من أجل تجديد جهودهم في لأجل “إلقاء الضوء على ضرورة الإصغاء لصوت الله واحترام القيم السامية التي تسبق كل حق في كل مجالات الحياة”.
وقد حض الأب الأقدس أيضًا على الالتزام “من أجل تعزيز الوعي” بشأن “هذه الحقيقة الأساسية في مختلف قطاعات المجتمع والثقافة”.
وقد تلا الرسالة البابوية – التي تحمل توقيع أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان، الكاردينال ترشيسيو برتوني – رئيس أساقفة مدريد، أنطونيو روكو فاريلا، وذلك نهار الأحد، في ختام الأيام الثلاثة التي عقد فيها المؤتمر. وكان شعار هذه السنة: “الله في الحياة العامة. المقترح المسيحي”. شارك في المؤتمر ما يزيد عن 1500 مشارك، 57 محاضر.
أقيمت عدة طاولات مستديرة حول مواضيع مثل “العلمانية والعلمنة في المجتمع الديمقراطي”، “الغرب ضد الغرب”، “المواطنية المسيحية: الحرية والضمير”.
وألقى الكاردينال روكو محاضرة بعنوان: “ضرورة والتزام الكاثوليك في الحياة العامة”.
أشار الكاردينال في كلمته إلى أن “الحياة العامة لا تقتصر على واقع الدولة الجماعة السياسية، بل تمتد إلى الواقع الاجتماعي بمختلف أبعاده”، مشيرًا بذلك إلى واقع المجتمع الاسباني الذي يتميز “بعلمنة جذرية” تمس كل شيء وتتعرض “لأي محاولة لتأسيس دولة القانون الديمقراطية على ركيزة فوق-سياسية، رافضة بهذا الشكل أية مرجعية متسامية”.
يضاف إلى هذه العلمنة “النسبية الخُلقية” المتشربة من الأحكام المسبقة المصاغة “على أساس مصالح الأفراد والجماعات المختلفة”.
في هذا المناخ شدد الكاردينال روكو على ضرورة التزام العلماني “في الشهادة العلنية للإيمان”، الذي يجعل حضور الكنيسة في العالم “بيّنًا وممكنًا”، وكعلامة كبيرة لحقيقة المسيح. وأشار أنه من أجل نقل الإيمان يجب أن يكون هناك “حرية كاملة ومتماسكة”، وأيضًا “الإمكانية الحقيقية لعيش هذه الحرية والتعبير عنها في كل مجالات الحياة العامة”.
وتابع بالقول أن مصير الإنسان والمجتمع المعاصر يعاش في “أبعاد جوهرية” هي بأمس الحاجة لالتزام العلمانيين، ومن بين هذه الأبعاد هناك، على سبيل المثال، ضرورة تأسيس وجود وسلطة الدولة على ركيزة متسامية.
وأوضح أن هذا الالتزام هو التزام طارئ يجب على العلماني العامل في مجال السياسة أن يعتبره حق الاعتبار فكريًا وثقافيًا، مشيرًا في الوقت عينه إلى ضرورة الرجوع إلى الحق الطبيعي.
هناك ضرورة أيضًا إلى الرجوع إلى العائلة “واعتناق مفهوم وتحقيق الزواج والعائلة كمؤسسة طبيعية تسبق الدولة وبمثابة أول خلية اجتماعية”، ويمتد هذا البعد على “حق الأهل بأن يمارسوا أبوتهم” حتى في المجال التربوي، “فالأطفال ليسوا أبناء الدولة أو المجتمع بل أبناء أهلهم”.
هذا وأشار إلى “الأهمية البالغة” لالتزام العلمانيي في الحقل الدولي، وحقل التضامن بين الشعوب، والوعي لمسؤولية العلماني لدوره التبشيري في الحياة العامة.
وأشار أيضًا إلى أن هذه هي اللحظة المؤاتية لوعي أن السلطة السياسية لها دور محدد وهو “حماية وتعزيز خير المواطنين الشامل، حماية وتعزيز كرامة الشخص البشري، والاعتراف بالحقوق الأساسية المرتبطة بالإنسان”.