War and peace - Pixabay - Peggy-Marco

المسيحيون والحرب. السلام واللاعنف في التقليد المسيحي

“طوبى لفاعلي السلام، لأنهم أبناء الله يدعون”. اعتادت أذاننا على التطويبات، ولكن إذا ما أصغينا جيدًا لهذه التطويبة نلاحظ كم يولي يسوع من الأهمية لهذا الموقف، موقف السعي لبناء السلام والأخوّة. فمن يبني السلام هو بمثابة ابن الله. ولقد اعتاد جيلنا على […]

Share this Entry

“طوبى لفاعلي السلام، لأنهم أبناء الله يدعون”. اعتادت أذاننا على التطويبات، ولكن إذا ما أصغينا جيدًا لهذه التطويبة نلاحظ كم يولي يسوع من الأهمية لهذا الموقف، موقف السعي لبناء السلام والأخوّة. فمن يبني السلام هو بمثابة ابن الله.
ولقد اعتاد جيلنا على كلام الأحبار الأعظمين بشأن السلام. فعلى سبيل المثال، يمكننا أن ننظر إلى 4 تشرين الأول 1965، إلى تلك اللحظة التاريخية التي تحدث فيها البابا بولس السادس أمام الأمم المتحدة. في ذلك الحدث التاريخي، استشهد البابا بكلمات الرئيس الأميركي الراحل جون كينيدي الذي قال: “إذا لم تضع البشرية حدًا للحرب، ستضع الحرب حدًا للبشرية”… وفي معرض ذلك الحديث، شدد البابا على ضرورة وقف نزيف البشرية ورفع نداءً نابعًا من القلب: “كفى حروبًا… يجب على السلام أن يقود مسيرة البشرية بأسرها”.
ولكمّ كرر البابا يوحنا بولس الثاني، الذي عاش وقر الحرب على حياته، هذا النداء: “لا للحرب!”، “كفى حروبًا”… البابا فرنسيس ردد بدوره هذا النداء ولعل المرة الأخيرة التي سمعنا فيها هذا النداء كان عندما ضم صوته إلى صوت البطريرك كيريل حاضًا المسيحيين في كل العالم لكي يصلوا بحرارة إلى الخالق “لكي يحمي خليقته من الدمار ولكي لا يسمح باندلاع حرب عالمية جديدة”.
عندما تندلع حرب، ليس هناك تمييز مطلق بين رابح وخاسر. فكل منا يخسر شيئًا… وإلى حد ما، جميعنا نخسر. إن كلمات السير أرثر ويليسلي، دوكا ولينغتون، بعد النصر ضد نابليون في واترلو هي معبرة جدًا: “أرجو، بعون الله، أن أكون قد حاربت معركتي الأخيرة. إنه أمر محزن أن نحارب دومًا… تكاد لا تستطيع أن تفكر بالمجد… أشعر أني فاشل حتى في لحظة النصر”.
بناء السلام – كما يذكر يوحنا بولس الثاني – لا يمكن أن يتم بلا غفران. لهذا سننظر في قسمي هذه المقالة إلى وجهي السلام المسيحي: سلام اللاعنف، والغفران.
اللاعنف
فلنصغ إلى الصدى الأول الذي تردده الديداخيه: “لن تولّد انقسامًا، بل ستقيم السلام بين المتخاصمين؛ احكم بحسب العدل، ولن تميّز بين الأشخاص عندما تصلح الساقط”.
حبذا لو أصغينا (وأصغى تاريخ الأديان كلها) إلى كلمات المدافع عن الإيمان المسيحي في القرن الثالث لاتانسيوس: “نُدافع عن الإيمان، بل بقتل الآخرين، بل بقبول الموت؛ لا بالعنف، بل بالصبر؛ لا بالإجرام، بل بالإيمان”.
من الأهمية بمكان أن نلاحظ أن آباء الكنيسة لا يتحدثون عن السلام كشيء مرتبط بالفعل، بل كواقع مرتبط بالكيان. فغريغوريوس النيصصي يذكرنا بأن “فاعل السلام هو من يهب السلام لآخر، ولن يستطيع أن يهب السلام للآخر إذا لم يكن لديه سلامًا في ذاته. لذا يريد الإنجيل أن تكون أنت أولاً مليئًا بالسلام، لكي تستطيع أن تحوزه لمن يحتاجه”.
وفي التعبير عن التوق إلى السلام، يسعى المفكرون المسيحيون لكي يدركوا أطر السلام، ولذا يربط توما الأكويني بين العدل والسلام إذ يكتب: “السلام هو بشكل غير مباشر ثمرة العدالة، لأن هذه الأخيرة تزيل العوائق القائمة أمام السلام. ولكنه ثمرة مباشرة للمحبة، لأنه المحبة تولّد السلام بفضل طبيعتها”.

Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير