مظاهر الروح القدس
روما، الثلاثاء 14 يونيو 2011 (Zenit.org) – ننشر في ما يلي الكلمة التي ألقاها البابا بندكتس السادس عشر نهار الأحد 12 يونيو قبيل تلاة صلاة افرحي يا ملكة السماء بمناسبة عيد العنصرة.
***
أيها الإخوة والأخوات الأعزاء،
إن عيد العنصرة الذي نحتفل به اليوم يختتم زمن الفصح الليتورجي. ففي الواقع أن السر الفصحي – آلام وموت وقيامة المسيح وصعوده إلى السماء – يتحقق في فيض الروح القدس القدير على الرسل المجتمعين معاً مع مريم، والدة الرب، والتلاميذ الآخرين. لقد كان “عماد” الكنيسة، العماد بالروح القدس (أع 1، 5).
كما تروي أعمال الرسل، في صباح عيد العنصرة، امتلأت العلية بصوت أشبه بدوي ريح، وحلت على كل واحد من التلاميذ ألسنة من نار (أع 2: 2، 3). هذا ما يعلق عليه القديس غريغوريوس العظيم بالقول: “اليوم، حل الروح القدس على التلاميذ بصوت مفاجئ، وبمحبته بدل أرواح كائنات جسدية، وفيما كانت تظهر ألسنة من نار من الخارج، كانت القلوب ملتهبة من الداخل لأنها فيما كانت تقبل الله في رؤية النار، كانت بعذوبة تلتهب حباً” (Hom. in Evang. XXX, 1: CCL 141, 256).
صوت الله يؤله اللغة البشرية للتلاميذ الذين يصبحون قادرين على إعلان الكلمة الإلهي الأوحد بشكل “متعدد الأصوات”. إن نفس الروح القدس يملأ الكون، يولّد الإيمان، يؤدي إلى الحقيقة، ويعدّ لوحدة الشعوب. “فلما دوى الصوت، توافدت إليهم الجموع، وقد أخذتهم الحيرة لأن كل واحد كان يسمعهم يتكلمون بلغته” عن “أعمال الله العظيمة” (أع 2: 6، 11).
يوضح الطوباوي أنطونيو روسميني أن “الله في يوم عنصرة المسيحيين سنّ … شريعته القائمة على المحبة، كاتباً إياها بالروح القدس، لا على ألواح حجرية، بل على قلوب الرسل، وأنه نقلها لاحقاً بفضل الرسل إلى الكنيسة جمعاء” (التعليم المنظم وفقاً لتسلسل الأفكار، رقم 737، تورينو 1863).
الروح القدس “الذي هو رب والذي يعطي الحياة” – كما نتلو في قانون الإيمان – يتحد بالآب من خلال الابن ويتمم تجلي الثالوث الأقدس. هو منبثق عن الله كنفس من فمه وقادر على التقديس، وإزالة الانقسامات، وتبديد الحيرة الناتجة عن الخطيئة. هو اللامحسوس وغير المادي يوزع الخيرات الإلهية، ويدعم الكائنات الحية، لكي تعمل وفقاً للخير. وكنور واضح، يعطي معنى للصلاة، ويمنح القوة لرسالة الكرازة الإنجيلية، ويلهب قلوب المصغين إلى البشرى السارة، ويلهم الفن المسيحي واللحن الليتورجي.
أيها الأحباء، الروح القدس الذي يخلق فينا الإيمان في المعمودية، يسمح لنا بالعيش كأبناء الله، مدركين وراضين، على صورة الابن الوحيد. والقدرة على مغفرة الذنوب هي أيضاً هبة من الروح؛ فإذ ظهر يسوع للرسل مساء العنصرة، نفخ فيهم وقال لهم: “اقبلوا الروح القدس. من غفرتم خطاياهم غفرت لهم” (يو 20، 23).
إلى مريم العذراء، هيكل الروح القدس، دعونا نوكل الكنيسة لكي تعيش دوماً وفقاً ليسوع المسيح وكلمته ووصاياه، وتعلن للجميع من خلال العمل السرمدي للروح المعزي أن “يسوع رب!” (1 كور 12، 3).
***
نقلته إلى العربية غرة معيط (Zenit.org)
حقوق الطبع محفوظة لمكتبة النشر الفاتيكانية 2011