بقلم روبير شعيب
روما، الاثنين 25 يونيو 2012 (ZENIT.org). – “أبونا يعقوب يعكس وجه لبنان الأصيل. نصلي اليوم لكيما بشفاعته وبشفاعة قديسي لبنان، يستطيع الشرق الأوسط أن يعود ليكون نموذج التعايش السلمي”، هذا ما قاله الخوراسقف طوني جبران، خلال القداس الذي ترأسه أمس الأحد في رعية مار مارون في روما للموارنة.
تميز احتفال أمس بالبركة التي تلقاها المؤمنون من ذخائر الطوباوي الأب يعقوب حداد، والتي قدمتها جامعة راهبات الصليب التي أسسها الأب يعقوب عينه.
وقد تحدث الخوراسقف – الذي هو المدبر القانوني للبطريركية الأنطاكية المارونية في روما – تحدث في عظته عن مختلف الأعمال الخيرية التي قام بها الأب يعقوب في فترة صعبة من المجاعة والضيقة عاشها لبنان في الفترة الممتدة بين الحربين العالميتين.
ذكّر جبران بالزخم الكبير الذي كان يحرك الأب يعقوب، فأشار إلى مختلف المؤسسات الهامة في لبنان التي يعود الفضل بتأسيسها للأب يعقوب، بما في ذلك عدد كبير من الأديار، المدارس، دور العناية بالعجّز والكهنة، المستشفيات، “ولعل أشهرها مستشفى ودير الصليب في جل الديب، الذي تأسس عام 1930، مستشفى القديس يوسف في الدورة (1949)، سيدة البير (1941)، يسوع الملك (1950)، مدارس برمانا ودير القمر”.
وبالحديث عن الدافع الذي حمل الأب يعقوب إلى جهد المحبة الذي لا يكل، قال جبران: “كان محرك جهود الأب يعقوب البحث عن محيا يسوع المسيح في وجوه الفقراء”. فسِرُّ الأب يعقوب هو حبه للمسيح المصلوب والمهمَّش. ولقد كان رجلاً “يزرع الصليب أيمنا حلّ”.
وتحدث جبران أيضًا عن اهتمام الطوباوي بالكهنة المرضى والعجّز، إذ أسس لهم دير المسيح الملك، بالقرب من نهر الكلب حيث خلف كل الملوك الغزاة علامات مرورهم، فأراد الطوباوي أن يقيم هناك علامة لحضور المسيح الملك الذي لا يزول ملكه أبدًا.
على خطى فقير أسيزي
ثم لفت الخوراسقف إلى العبرة الروحية التي نستطيع استنتاجها من حياة الأب يعقوب الكبوشي فاعتبر أن الثمرة الكبرى هي الثقة بالعناية الإلهية، فالأب يعقوب “يعلمنا أن نؤمن بالعناية الإلهية، بأن الرب يحبنا ويعتني بنا”.
وتابع: “الأب يعقوب هو نبي من أنبياء القرن العشرين. نبوءته تكمن في أنه خدم المسيح في الفقراء. وهو يعلمنا أنه في خدمتنا لإخوتنا الفقراء نخدم يسوع المسيح ونرى وجهه المتألم”.
شهادة الأب يعقوب تثبتنا بأن تاريخ لبنان هو “تاريخ قداسة” ولهذا “يلبس حضوره في هذه الرعية المارونية في روما طابعًا رمزيًا هامًا”.
وربط جبران صورة الطوباوي بفقير أسيزي الذي لم يوفر جهدًا بل عاش كل أبعاد الخدمة الروحية، المادية والفكرية حبًا بالمسيح.
اختتم القداس الإلهي بالبركة والتزياح بذخائر الطوباوي وتلا الحضور صلاةً كتبها الطوباوي:
“يا سيدي يسوع،
خذ لساني، إجعله ينطق بما تشاء وتريد، واجعل سكوتي كلاً معك!
خد أذنيّ، إجعلهما تصغيان إلى صوت الواجب، وإلى صوتك وحدك يا يسوع!
خذ عينيّ، إجعلهما تشخصان إلى رؤيتك في أي محيا كان، وأي شغل كان!
خذ يدي ورجلي، إمنحهما الرشاقة، وخصصهما لخدمتك. ولتنفذا كل رغباتك!
خذ فكري: أنره بنورك الساطع!
خذ قلبي: إجعله عرشًا لحبك وراحتك!”.
موهبة آنية
على هامش القداس الإلهي تحدثت رئيس جماعة راهبات الصليب في روما، الأم جان دارك، إلى زينيت عن آنية موهبة الأب يعقوب فشرحت أنها تنبع من آنية إنجيل المحبة. فموهبة الأب يعقوب هي موهبة محبة وخدمة للفقراء، الكهنة المرضى والمسنين، الشبيبة الناشئة…
وأشارت الأم جان دارك إلى أن الرهبنة تستمر في عيش موهبة الأب يعقوب في المدارس، المآوي والمستشفيات لافتة إلى أن أكثر من نصف الأشخاص الذين يتم الاعتناء بهم ليسوا مسيحيين. كما وذكرت بأن حضور الراهبات في روما هو من خلال بيت استقبال للحجاج والتلاميذ .
ولد خليل في غزير (كسروان، جبل لبنان) سنة 1875، كما يكتب الأب سليم رزق الله في سيرته التي تحمل عنوان: “رسول الصليب، الأب يعقوب الكبوشي” وتوفي في 26 يونيو 1954 (وقد تم اختيار يوم وفاته كيوم تذكاره الليتورجي). واحتُفل بتطويبه في لبنان في 22 يونيو 2008 وتحديداً في ساحة الشهداء، خلال ذبيحة إلهية ترأسها رئيس مجمع دعاوى القديسين، الكردينال خوسيه سارايفا مارتينز.