" سنة الوردية، وخمسة أسرار جديدة "
الأساقفة والإكليروس والمؤمنين ، يعلن فيها إضافة أسرار جديدة إلى أسرار المسبحة الوردية وسمّاها : " أسرار النور" ،وأعلن أيضا السنة ، من أّكتوبر 2002 إلى أُكتوبر2003 ، السنة " الوردية المقدسة ".
ومما جاء في الرسالة ما يلي : "... وبعبورنا من طفولة يسوع وحياته في الناصرة إلى حياته العلنيّة، يصل بنا الأمر إلى التأمل في هذه الأسرار التي يمكن أن ندعوها بنوع خاص ، " أسرار النور ".
في الواقع ، إن هذا هو كل سرّ المسيح الذي هو النور. " نور العالم " ( يوحنا 28 : 12 ) .
تعتبر هذه الرسالة ممّيزة وتاريخيّة، إذ أنها دعوة صريحة من أعلى سلطة روحية في الكنيسة، إلى تجديد صلاة الوردية في الحياة الليتورجيّة، وبالتالي حثّ المؤمنين على تلاوتها لأهمّيتها ولغناها الروحيّ. إذ هي تأمل مستمرّ مع مريم العذراء، شريكة سرّ الفداء، في حياة يسوع بكل مراحلها على الأرض، بإختصار إنّها رسالة مريميّة بإمتياز.
وتكمن أهمية هذه الرسالة أيضّاً، في أنّها التعديل الأوّل على صلاة الوردية المقدسة، منذ حوالي القرن الثالث عشر، زمن القديس عبد الأحد ( دومنيك )، الذي عمل مع الأب " لاروش " وبإحاء من العذراء مريم على تنسيق هذه الصلاة الجميلة والتي أصبحت عجائبيّة ومصدر نعم كبيرة .
وهكذا يكون قداسة البابا " الطوباوي يوحنا بولس الثاني"، على لائحة الباباوات الذين عملوا وشجّعوا على نشرها، وحثوا المؤمنين على طلب شفاعة القديسة مريم "و الدة الإله " و " سلطانة الوردية " ، بعدما أدركوا غناها الروحيّ . فيقول ( البابا يوحنا بولس الثاني ) في هذا الصدد : "منذ سنين حداثتي، كان لهذه الصلاة مكانة هامّة في حياتي الروحيّة "
" إن المسبحة الوردية هي صلاتي المفضّلة ..."
"ورديّة مريم المقدسة، هي السلسلة العذبة التي تصلنا بالله "
" هي التأمل في المسيح مع مريم ".
لنتأمل قليلا في تلك الشجرة الشامخة على الأرض، أغصانها ترتفع بما يسكنها من ثمار أو زهر وأوراق في فضاء الحياة، وجذورها تمدها في باطن الأرض مُتمسكة فيها بكل قوتها. تعيش فصول الحياة الأربعة، تتحمل برد الشتاء القارص والمطر الهابط والثلج النازل بثقلهِ على أغصانها فتعيش محنتهِ بقسوة وتتحمل، ثم يأتيها الربيع بما يحملهُ من جمال خلاب ليعيد الحياة إليها وينعشها من جديد لتجدد وتُعطي وتهب ما لديها من خيرات، بعد الربيع أنهُ الصيف وشمسهِ الحارة والعطش والذبول النسبي تحضيرًا للخريف القادم أخيرًا، فيُجردها من أوراقها ورقةٍ ورقة ذاهبة في مهب الريح، ويُعيشها ما بين الحرّ والبردّ وما بين الصمود والتحدي وما بين الرحيل والبقاء!ولحين ذلك وما بين هذه جميعها مُجتمعةٍ، قد يسكنها الطير ويعشش فيها وقد يزورها الغراب ليحل على غصنها، وقد يؤلمها نقار الخشب بمنقارهِ بنقرهِ المُتواصل عليها، أو تصبح طعامًا للدود الزاحف إليها رويدًا رويدا، وربما الإنسان نفسهُ يمد يده عليها بفأسهِ ليرميها أرضًا، مُنهيًا بفعلتهِ دورة حياة الحياة ذاتها، وتنتهي الحياة وتقطع الأنفاس! الإنسان كتلك الشجرة أيضًا يعيش فصول الحياة بكل عواصفها وزوابعها المحملة على اختلافها، وبقوة إرادتهِ وتصميمهِ قادر على أن يثبت نفسهُ ووجوده بكل قوة وجدارة ويتخطاها إلى ما هو باقي من الموجود، وأيضا قادر على أن يتجاوزها من داخلهِ لكي لا تبقى وتأخذ مكانها وتحتلهُ وتستوطنهُ كما يحتل العدو والغريب الأوطان! سنقوم برحلة وجولة لمدة زمنية قصيرة إلى داخل الإنسان لنجول فيهِ ونعرف ونتعرف ونتأمل في كل ما يجول في مكنوناتهِ وأعماقهِ، أنها رحلة صغيرة بدقائق معدودة نبدأها من القلب وما يتولد فيهِ وما يخرج منهُ، ثم نزور العقل لنستكشف كيف يفكر ويعطي الإيعاز لكل ما مكنون ومضمور في أوراق الإنسان للحياة وللآخر.هذا الكيان الحيّ يتدفق الدم في شرايينهِ وأوردتهِ، واصلاً إلى جميع مناطق جسدهِ وهو مُحمل بالكثير من المعاني الثمينة عن النفس وعن الآخر من:” الاحترام، الحبّ، المشاعر، الأحاسيس، الألم، الحزن، البسمة، الشجون، كلمات جميلة، السعادة، الصمت، الشفافية، الحنين، النقاء، الضيق …. وغيرها الكثير مما يجول في الخاطر، قد تستأنس النفس لها أو ترفضها حسب ما يلائمها ويناسبها وأحيانًا ما يفرض عليها، فهي مرات لا تكون حرة أمام إرادتها! فالحياة إذن تكون بما تحملهُ والإنسان بما يتلقاه ويمارسهُ على نفسهِ وعلى غيره من فنون كثيرة وتحمل من الألوان والأدوار الأكثر.وحينما نتأمل في الإنسان هذا الكائن المُميز والمُختلف عن باقي الخلائق والمميز بعقلهِ عنهم، نجدهُ حينما يغيب عقلهُ عن المنطق والإرشاد وعن الحضور الحاضر يُوعزّ لنفسهِ للقيام بالكثير من الأمور المُخالفة لطبيعتهِ كإنسان إنساني! يكون مسلوب الإرادة، هو من يسلبها حينما يسخر ذاتهُ إلى كل ما هو ضد النفس.أنها عبثية الإنسان ومشكلة زمانهِ الحاضر التي غابّ فيها المعنى والجوهر، مما يدفعهُ بما يحملهُ في قلبهِ من شعور وما يختزنهُ عقلهِ من نظرة مُغايرة لواقعهِ لا يستسيغها بسبب واقع عاشه أو غيره ذاقهُ أثر في نفسيتهِ في الحالتين وغير من ملامح الحياة والإنسان في عينيهِ! دافعًا به بعد حين إلى التصادم والركون عند المشكلة التي تكون كتلك العاصفة الشتوية الباردة الهابة، تُبرد كيانهِ وتجعلهُ يجد صعوبة في التوافق الداخلي النفسي والحياتي مُستقبلاً! يفكر بما يسكنهُ وينظر لواقعهِ فيحتار ويتردد، وما يكون من العقل سوى إلقاء ظلالهِ بقوة على كل ما يُخالج القلب ويلمسُّ الشعور. كثير من الأمور والأشياء يرغبها القلب ولكن العقل يرفضها، والكثير الآخر يسكن القلب والعقل يغلق الأبواب عليها! وهناك الأكثر مما يختزن في العقل ويضمر في القلب واللسان يترجمهُ بكلمات وجمل قد تسعد أو تحزن أو تعيش في الأيام كما تعيش الثواني والدقائق في الساعات. أو ربما قد يحدث العكس بنسبةٍ والقلب هو الذي يرفض ويتمردّ! التأمل في هذا الكيان العظيم لا ينتهي، هذا الكيان الذي يحمل بين جنباتهِ: الذكر والأنثى، الأسود والأبيض، الخير والشر، الفكر والشعور، الحياة والموت، الضحك والبكاء، الزهر والأشواك، الحروف والأرقام، الشهيق والزفير، الحقيقة والخيال، الظاهر والمكنون، النور والظلام، الدفء والبرد، القصة والرواية، وأخيرًا وليس آخرًا الوطن والغربة! وتبقى نفوس تحيا في دنيا الحياة.
أيها الآب القدوس / ساعدنا لكي نحبّ كنيستَنا الكلدانيّة / كما هي / بكل تنوعاتها واختلافاتها / بعظمتها وبضعفها.
يا ربّ ابقَ معنا / فمسقبلُ المسيحيين يبدو غير مستقر في الشرق الاوسط / لأنّ العواصفَ تهبُّ على السفينة التي نحن فيها / نطلبُ قوّة روحك القدوس / ليُساعدنا على اكتشاف حضورك في واقع حياتنا اليومية / وليخلق فينا كلّ الدعوات الضرورية لبناء كنيستك.
يا ربّ، اجعل لقاءَ أساقفتنا يشعّ نورًا وسلامًا لكل الناس / أعطهم ان يكونوا فرحين برعايتهم لنا ومصغين لنداءآتك / ومهتمين بنا نحن ابناءَهم اهتماما أبويًا / قوِّ روابط الوحدة بين أبناء كنيستك / ليغدو هذا السينودس الذي سيُعقد قريبا رجاءً جديدًا لكنيستنا / بالأصالة والوحدة والتجدد / لكي تبشّر بإنجيل مخلّصنا يسوع المسيح / الذي هو الطريق والحق والحياة / آمين.
طوبى لِلعُيونِ الَّتي تُبصِرُ ما أَنتُم تُبصِرون ( لوقا 10 /23 )