فرَفَعَ الأَعْمَى نَظَرَهُ وقَال: «أُبْصِرُ النَّاس، أَراهُم كأَشْجَارٍ وَهُم يَمْشُون!».
فوَضَعَ يَسُوعُ يَدَيْهِ ثَانِيَةً عَلَى عَيْنَي الأَعْمَى، فأَبْصَرَ جَلِيًّا، وعَادَ صَحِيحًا وصَارَ يُبْصِرُ كُلَّ شَيءٍ بِوُضُوح.
فأَرْسَلَهُ يَسُوعُ إِلى بَيْتِهِ قَائِلاً: «لا تَدْخُلِ القَرْيَة!».

تأمّل:

جاؤوا الى يسوع بأعمى لا يرى البتّة. لمسه مرةً أولى فتحسنت حاله: " أُبْصِرُ النَّاس، أَراهُم كأَشْجَارٍ وَهُم يَمْشُون". ولمسه مرّةً ثانية "فأبصر جليّاً وعاد صحيحاً وصار يُبصر كلّ شيء بوضوح".  يعبّر هذا التدرّج المتصاعد بالشفاء عن المسيرة الإيمانيّة التصاعديّة التي يجب أن يقوم بها كلُّ شخصٍ بعلاقته مع ربّه والتي فيها يتدخّل الرب بطريقة مستمرة مانحاً روحه القدّوس ليشفي بصيرتنا التي قد أعمتها الخطيئة. إنّ القديس برنردوس يؤكد "أن الروح القدس لا يكفّ عن الحضور في حياة مَن هو روحانيّ، أو بالحري في حياة أولئك الذي يريدهم أن يكونوا روحانيّين". لنفتح قلوبنا إذاً لعمل الروح الدائم فينا فيفتح الروح بصائرنا ويقود خطانا لنتبع يسوع نور العالم فلا نمشي في الظلام:"أنا نور العالم من يتبعني لا يمشي في الظلام"(يو8: 12).

وقفة روحية في زمن الصوم

بقلم الأب روبير معماري الأنطوني

اليوم الثالث عشر

روما، الاثنين 1 مارس 2010 (zenit.org). – . –  ولَمَّا حَلَّ المَسَاء، خَرَجَ يَسُوعُ وتَلامِيذُه مِنَ المَدِينَة. وفي الصَّبَاح، بَيْنَمَا هُم عَابِرُون، رَأَوا التِّيْنَةَ يَابِسَةً مِنْ جُذُورِهَا. فتَذَكَّرَ بُطْرُسُ وقَالَ لَهُ: «رَابِّي، أُنْظُرْ، إِنَّ التِّيْنَةَ الَّتي لَعَنْتَهَا قَدْ يَبِسَتْ!». فأَجَابَ يَسُوعُ وقَالَ لَهُم: «آمِنُوا بِٱلله! أَلحَقَّ أَقُولُ لَكُم: مَنْ قَالَ لِهذا الجَبَل: إِنْقَلِعْ وَٱهْبِطْ في البَحْر، وهُوَ لا يَشُكُّ في قَلْبِهِ، بَلْ يُؤْمِنُ أَنَّ ما قَالَهُ سَيَكُون، يَكُونُ لهُ ذلِكَ. لِهذَا أَقُولُ لَكُم: كُلُّ مَا تَسْأَلُونَهُ في الصَّلاة، آمِنُوا أَنَّكُم نِلْتُمُوهُ، فَيَكُونَ لَكُم. وإِذَا قُمْتُم لِلصَّلاة، وكَانَ لَكُم عَلى أَحَدٍ شَيء، فَٱغْفِرُوا لَهُ لِكَي يَغْفِرَ لَكُم أَيْضًا أَبُوكُمُ الَّذي في السَّمَاواتِ زَلاَّتِكُم».

تأمّل:

يحدث في بعض الأحيان أن يعترينا الشك نحن المؤمنين. إن الإيمان والشك يتجاذبان دائماً في حياة كلّ إنسان. ولكن هل يجوز أن نستسلم للشكِ ونكون غير مؤمنين؟

نرى في العهد الجديد كيف أنّ الشك كان يراود في بعض الأحيان تلاميذ يسوع: كبطرس عندما رآى يسوع يمشي على المياه أو كتوما الذي رفض أن يؤمن إلاّ إذا ما وضع إصبعه في جنب معلّمه أو كالتلاميذ الذين ارتعبوا عندما هبت العاصفة وكاد القارب أن يَغرق. إنَّ الشك اعترى التلاميذ ولكن لم يُفقدهم إيمانهم. يقول لاهوتي فرنسي: “إن التلاميذ هم الذين يشكّوا. الشك لم يمنعهم من أن يكونوا تلاميذ وكونهم تلاميذ لم يمنع عنهم الشّك”.

لا بُدَّ أن يعترينا بعض الشك أحياناً. ولكن لا يجب أن ندعَ الشكَ يغلبنا. بل بالعكس فلنغلب الشكَّ بالإيمان. فهذا ما يدعونا إليه الرب يسوع: آمِنُوا بِٱلله!

إذا كنّا نبحث أن نفسّرَ الحقائق الإيمانيّة بالعقل والبُرهان فنحن مُخطؤون. نحن بحاجة الى الإيمان لنُدرك وندخل في عمق هذه الحقائق.

نقول ونؤكِد أنَّ الإيمان ليس مجرّد تأكيد عقلي ومنطقي على الحقائق الإيمانيّة بل هو قناعةٌ داخليّة تتخطى كل تفكيرٍ وكلّ بُرهان، تتخطّى كل خوفٍ وكل شك لتطال قلب الله وتلتمس منه كل ما تسأله” كُلُّ مَا تَسْأَلُونَهُ في الصَّلاة، آمِنُوا أَنَّكُم نِلْتُمُوهُ، فَيَكُونَ لَكُم”.

اليوم الرابع عشر

إنجيل القدّيس لوقا (8: 40-56)