روما، 6 ديسمبر 2006 (Zenit.org) – يؤكد رينيه جيرار – أكثر الأنثروبولوجيين تأثيرًا في الثقافة المعاصرة، والذي انتخب منذ عهد قريب ليكون واحدًا من الأربعين "الخالدي الذكر" الذين يؤلفون الأكاديمية الفرنسية – أننا نسير صوب مستقبل سيكون عصر نهضة مسيحي.

في كتاب "الحقيقة والإيمان الضعيف. حوار حول المسيحية والنسبية" (Transeuropa ed.). يؤكد الأنثروبولوجي الفرنسي: "أعتقد أننا نسير صوب مستقبل (...) لنبلغ إلى العيش في عالم سيكون مسيحيًا بقدر ما هو اليوم علمي".

"أعتقد – يتابع جيرار – أننا بصدد ثورة في ثقافتنا ستذهب بنا أبعد من كل التوقعات. فعالمنا يتجه نحو تحول يختفي عصر النهضة أمامه ".

يجمع الكتاب عشر مناظرات بين المفكر الفرنسي والأستاذ جانّي فاتّيمو، واضع النظرية المعروفة باسم "الفكر الضعيف". تتناول المناظرات عدة موضوعات باتت مركزية في الجدل الفكري المعاصر: الإيمان، العلمانية، الجذور المسيحية، دور الرسالة الإنجيلية في تاريخ البشرية، النسبية، مشكلة العنف، وتحدي العقل...

كما ويدون الكتاب ثلاث مناظرات صوتية لم يتم نشرها حتى الآن، جمعت المفكرين المذكورين في نقاش حول مواقفهما الفلسفية والفكرية.

يصرح رينيه جيرار في الكتاب بأن "الدين يغلب الفلسفة ويتخطاها. فالفلسفات في أيامنا شبه ميتة. والإيديولوجيات قد دفنت تقريبًا، حتى النظريات السياسية، هي أيضًا قد انتهت تقريبًا؛ إن القناعة بأن العلم يستطيع أن يأخذ محل الدين قد اندحرت. في العالم اليوم، حاجة متجددة للدين".

أما في ما يتعلق بالنسبية الأدبية التي يتبناها فاتّيمو، يكتب رينيه جيرار: "لا يمكنني أن أكون نسبيًا" ولكن "أعتقد أن النسبية السائدة في أيامنا هي ثمرة فشل الأنثروبولوجيا المعاصرة، وفشل المحاولات الرامية إلى حل المشاكل المتعلقة بتنوع الثقافات الإنسانية. وقد فشلت الأنثروبولوجيا لأنها لم تتمكن من شرح مختلف الثقافات الإنسانية كظاهرة موحدة، ولهذا غرقنا في مستنقع النسبية".

بالنسبة لعضو الأكاديمية الفرنسية: "تملك المسيحية الحل لهذه المشاكل لأنها تبرهن أن الحدود التي يلتزم بها الأفراد تساعد في تخطي نوع معين من النزاعات".

وأضاف موضحًا: "إذا ما فهمنا أن يسوع هو الضحية العالمية الذي جاء ليتخطى هذه النزاعات بالذات، لبلغنا إلى حل المشكلة".

بنظر الأنثروبولوجي، "المسيحية هي اعتلان المحبة، ولكنها أيضًا اعتلان الحقيقة" لأنه "في المسيحية، تتطابق الحقيقة والمحبة وتؤلفان جوهرًا واحدًا".

ويفسر المفكر الفرنسي "مفهوم المحبة" في المسيحية قائلاً: "هو إعادة اعتبار الضحية التي حوكمت ظلمًا، والتي هي الحقيقة بذاتها، إنها الحقيقة الأنثروبولوجية، إنها الحقيقة المسيحية".

ردًا على طلب فاتّيمو بقبول الإجهاض والموت الرحيم والعلاقات الجنسية المثلية، يجيب جيرار: "هنالك نطاق من السلوك الإنساني لم يذكره فاتّيمو، وهو الخُلق" ويشرح أن "الوصايا العشر تحتوي على مفهوم خُلقي" يحتوي على مفهوم المحبة ضمنيًا.

ينتقد المفكر الفرنسي متبعي السلوك "الصحيح سياسيًا" لأنه باسم هذه النزعة تُظلم المسيحية، إذ لا يمكن "حتى الكلام عن الدين المسيحي في بعض الدوائر الاجتماعية، ولا حتى يجيء على ذكره. وإذا تم الكلام عنه فللحد من تأثيره ولوضع الحدود له إذ يميل البعض إلى تحميله مسؤولية كل الرعب الذي نعيشه في مجتمعنا الحالي".

أما في ما يتعلق بالعدمية الأدبية التي غزت مجتمعنا المعاصر، يجيب جيرار: "بدل أن نستسلم للعدمية ونقر بعدم وجود الحقيقة في أي مجال كما يفعل بعض الفلاسفة، علينا أن نعود إلى الأنثروبولوجيا، إلى علم النفس وإلى دراسة العلاقات الإنسانية من جديد".