النص الكامل لمقابلة الأربعاء العامة: بندكتس السادس عشر يتكلم عن زيارته الى تركيا

الفاتيكان، 5 ديسمبر 2006 (zenit.org) – ننشر في ما يلي النص الكامل للرسالة التي وجهها البابا بندكتس السادس عشر  إلى رئيس مجمع العقيدة الإلهية وتنظيم الأسرار ، الكاردينال فرنسيس أرينزي، وإلى المشاركين في يوم الدراسة الذي يرعاه المجلس الحبري المذكور: “قداس الأحد من أجل تقديس الشعب المسيحي”، في الذكرى السنوية لصدور الدستور المجمعي في الليتورجيا المقدسة: Sacrosanctum Concilium.

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

إلى الأخ المكرم

الكاردينال فرنسيس أرينزي

 رئيس مجمع العقيدة الإلهية وتنظيم الأسرار

 

يسرني أن أرسل تحياتي القلبية إليكم وإلى المشاركين في يوم الدراسة الذي يرعاه مجلسكم الكريم في الذكرى السنوية لصدور الدستور المجمعي في الليتورجيا: Sacrosanctum Concilium. فبعد أن تعمقتم خلال سنوات سابقة بدرس سجل تاريخ الشهداء الروماني والموسيقى المقدسة، تشدون العزم الآن لدرس موضوع: قداس الأحد من أجل تقديس الشعب المسيحي. وهو أمر ذو وقع كبير نظراً لنتائجه الروحية والراعوية.

يعلمنا المجمع الفاتيكاني الثاني: “تحتفل الكنيسة بالسر الفصحي، طبقاً لتقليد رسولي يرجع أصله إلى يوم قيامة المسيح نفسه من بين الأموات، كل يوم ثامن. وقد دعي هذا اليوم عن بحق “يوم الربّ” أو يوم “الأحد” (دستور Sacrosanctum Concilium، 106).

يبقى الأحد الركيزة الجنينية، وفي الوقت عينه، النواة الأصلية للسنة الليتورجية التي تستمد نشأتها من سر قيامة المسيح، التي من خلالها طبعت في التاريخ ملامح الأبدية. فالأحد هو برهة من الزمن متشربة من الأبدية، لأن فجره قد عاين المصلوب القائم من الموت وهو يلج منتصرًا في الحياة الأبدية.

في حدث القيامة، يبلغ الخلق والفداء ملأهما. في “اليوم الأول بعد السبت”، بعد أن التقت النسوة ومن بعدهن التلاميذ الرب القائم، فهموا جميعًا أن “هذا هو اليوم الذي صنعه الرب” (مز 117، 24)، يومه “هو”، Dies Domini. فالليتورجية تتغنى بهذا اليوم منشدة: “أيها اليوم الأول والأخير، اليوم المشع والمتألق الذي فيه انتصر المسيح”.

ومنذ البداية، كان هذا عنصرًا أساسيًا في الفهم المسيحي لسر يوم الأحد. يقول أوريجانوس: “لقد نقل الكلمة الإلهي الاحتفال بالسبت إلى اليوم الذي أشع فيه النور والذي أعطانا صورة الراحة الحقيقية في يوم الخلاص، الأحد، أول يوم نور فيه ولج المخلص أعتاب السماء، بعد أن أكمل كل عمله لصالح البشر، وتخطى بهذا خلق الأيام الستة وتقبل السبت المقدس والراحة الطوباوية” (شرح في المزمور 91). وانطلاقًا من الوعي نفسه، توصل القديس أغناطيوس الأنطاكي إلى القول: “نحن لا نحيا بعد بحسب السبت، بل ننتمي إلى الأحد”. (الرسالة إلى أهل مغنازية 9، 1).

فبالنسبة للمسيحيين الأولين، كانت احتفالات الأحد تشكل التعبير الطبيعي عن انتمائهم للمسيح، وعن الشراكة في جسده السري، وعن الانتظار الفرح لرجوعه المجيد. وقد ظهر هذا الانتماء بطريقة بطولية في حادثة من حياة القديس أبيتيني الذي هتف مواجهًا موته: “Sine dominico non possumus”، أي من دون أن نجتمع نهار الأحد من أجل الاحتفال بالافخارستيا لا يمكننا العيش.

لكم يجب أن نشدد اليوم على قدسية يوم الرب وعلى ضرورة المشاركة في قداس الأحد! فالبيئة الثقافية التي نعيش فيها، المطبوعة غالبًا باللامبالاة الدينية وبالعلمنة التي تعتم أفق التسامي، لا يجب أن تُنسينا أن شعب الله قد ولد من الحدث الفصحي وإليه يعود، كإلى نبع لا ينضب، ليفهم أكثر فأكثر خصائص هويته وأسباب وجوده.

فهكذا يتابع المجمع الفاتيكاني الثاني، بعد الكلام عن أصل الأحد: “في هذا اليوم، على المؤمنين أن يجتمعوا لسماع كلمة الله والاشتراك في الافخارستيا فيحيوا بذلك ذكرى آلام الربّ يسوع وقيامته ومجده، ويشكروا الله الذي ولدنا ثانية لرجاء حي بقيامة يسوع المسيح من بين الأموات” (دستورSacrosanctum Concilium، 106).

لم تكن الجماعة المسيحية من اختار الأحد، فقد اختاره الرسل، لا بل المسيح نفسه، الذي قام من بين الأموات وظهر للرسل في ذلك اليوم، “اليوم الأول من الأسبوع” (أنظر متى 28، 1؛ مر 16، 9؛ لو 24، 1؛ يو 20، 1. 19؛ رسل 20، 7؛ 1 قور 16، 2). ثم عاود فظهر “بعد ثمانية أيام” (يو 20، 26). فالأحد هو اليوم الذي يحضر فيه المسيح القائم بين خاصته ويدعوهم إلى وليمته ويشركهم بذاته، لكيما من خلال اتحادهم به ومطابقتهم له، يمكنهم أن يعبدوا الله بشكل لائق. ولذا، إذ أشجع على تعميق فهم أهمية “يوم الرب” أكثر فأكثر، يهمني أن أسلط الضوء على مركزية الافخارستيا الركيزة الأساسية لنهار الأحد ولكل الحياة الكنسية. فبالواقع، في كل احتفال افخارستي في يوم الأحد يتم تقديس الشعب المسيحي، إلى أن يبلغ إلى الأحد الذي لا يعقبه غروب، يوم اللقاء النهائي بين الله وخلائقه.

من هذا المنطلق، أعبر عن تمنياتي أن يساهم يوم الدراسة الذي أعده هذا المجلس، حول هذا الموضوع البالغ الأهمية، في استعادة المعنى المسيحي ليوم الأحد في المجال الراعوي وفي حياة كل مؤمن. أرجو أن يستعيد “يوم الرب” الذي يمكن أن نسميه بحق “سيد الأيام”، كل أهميته وأن يُفهم ويعاش بملئه عبر الاحتفال بالافخارستيا، عماد النمو الأصيل في الجماعة المسيحية (أنظر Presbyterorum Ordinis، 6).

مع تأكيد التزامي بذكركم في الصلاة، أتضرع إلى العذراء الكلية القداسة لكي تغمركم بحمايتها ، مع جميع مساعديكم والمشاركين في لقائكم وأهبكم بركة رسولية خاصة.

 

الفاتيكان، في 27 نوفمبر 2006.

البابا بندكتس السادس عشر

 

ترجمة وكالة زينيت العالمية (zenit.org)

حقوق الطبع 2006- مكتبة النشر الفاتيكانية

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير