بعدها تحدث البابا عن أهم الأحداث التي طبعت العام الذي شارف على نهايته، وقال: لم تغادر ذهننا المشاهد المروعة للحروب التي تدمي الأراضي المقدسة، ويثير قلقنا خطر وقوع صدام بين الأديان والحضارات. وأصبح السير في درب السلام تحدياً بالغ الأهمية.

"المجد لله في العلى والسلام في الأرض للناس أهل رضاه" (لوقا 2، 14). تؤكد لنا هذه العبارة الإنجيلية أن السلام في الأرض ليس ممكنا إن لم يتصالح البشر مع الله. فمن المستحيل إذاً الفصل بين "الله" و"السلام" وهذا ما أردت التأكيد عليه خلال زياراتي الرسولية الأربع التي أتممتها هذا العام. فخلال زيارتي إلى بولندا، مسقط رأس سلفي الحبيب البابا يوحنا بولس الثاني، شعرت في جميع الأماكن التي زرتها بفرح الإيمان، ورحب بي البولنديون كخليفة للقديس بطرس الذي قال له المسيح "ارع خرافي" (يوحنا 21، 15) ... "أنت الصخرة وعلى هذه الصخرة سأبني كنيستي" (متى 16، 18).

أما زيارتي إلى فالنسيا في إسبانيا فتمحورت حول موضوع الزواج والعائلة. وأردت التأكيد على أن حرية الإنسان تتحقق في إطار سر الزواج المقدس، الذي يسمح بتكوين عائلة تصبح بدورها الخلية الأساسية لمجتمع الغد. وفي هذا السياق، تابع البابا يقول، لا يسعني إلا أن أعرب عن قلقي حيال القوانين المتعلقة بأزواج "الأمر الواقع"، مشيراً إلى أن الكنيسة مدعوة لرفع صوتها مدافعة عن الإنسان المخلوق على صورة الله ومثاله.

بعدها قال البابا إنه سطر خلال زيارته الراعوية لألمانيا، أهمية تعزيز الحوار بين الجماعات المسيحية من جهة، وبين المسيحيين وأتباع باقي الديانات في جهة أخرى. وأكد قداسته أن الأديان مدعوة اليوم إلى أن تضع نفسها في خدمة الحقيقة والإنسان.

"أما زيارتي الرسولية إلى تركيا فشكلت لي مناسبة لأعرب مجدداً عن احترامي للدين الإسلامي"، وأضاف البابا أن المسيحيين والمسلمين مدعوون إلى الالتزام سوياً في إيجاد حلول عادلة للمشاكل القائمة، وقال إننا نتضامن مع جميع المسلمين الذين ـ وانطلاقاً من قناعاتهم الدينية ـ ينبذون العنف ويسعون إلى التوفيق بين الإيمان والعقل، بين الدين والحرية.

وفي ختام كلمته إلى أعضاء الكوريا الرومانية أوكل قداسة البابا ضيوفه إلى شفاعة العذراء مريم، وتمنى لهم ولجميع العاملين في دوائر الكوريا الرومانية وحاكمية دولة حاضرة الفاتيكان ميلاداً مجيداً