تحمل الرسالة تاريخ السابع والعشرين من أيار مايو 2007، يوم أحد العنصرة، ويرغب الحبر الأعظم من خلالها إظهار محبته للكاثوليك الحاضرين في الصين وقربه منهم. وتبان فكرتان أساسيتان في نص الرسالة: الأولى، عاطفة عميقة لكل الجماعة الكاثوليكية في الصين، والثانية، أمانة عميقة لقيم التقليد الكاثوليكي في المجال الكنسي.
ويذكّر البابا بالخطوط الكنسيّة العريضة للمجمع الفاتيكاني الثاني والتقليد الكاثوليكي، كما يأخذ في عين الإعتبار الأوجه الخاصة لحياة الكنيسة في الصين، واضعا إياها في نظرة لاهوتية واسعة.
وكتب بندكتس السادس عشر في رسالته لكاثوليك الصين أنه يودّ تقديم بعض الإرشادات المتعلقة بحياة الكنيسة وعمل البشارة في بلادهم بهدف مساعدتهم على اكتشاف ما ينتظره منهم الربُّ والمعلم، يسوع المسيح. ومعبّرا عن سروره العميق للأمانة التي برهن عليها كاثوليك الصين في السنوات الخمسين الأخيرة، أكد الأب الأقدس مجددا على القيمة المتعذِّر تقديرها لآلامهم والإضطهاد المُحتمل بسبب الإنجيل، موجها إليهم نداء حارًا للوحدة والمصالحة.
وإدراكًا منه بأن المصالحة الكاملة لا يمكنُ إتمامها بين ليلة وضحاها، ذكّر البابا بأن مسيرة كهذه يدعمها مثال وصلاة كثيرين من “شهود الإيمان” الذين تألموا وصفحوا، مقدّمين حياتهم من أجل مستقبل الكنيسة الكاثوليكية في الصين.
وفي الصين، ومثل باقي العالم، إن الكنيسة مدعوة لأن تشهد للمسيح وتنظر برجاء للمستقبل، وكتب البابا:”وفي بلادكم أيضا، سيكون إعلان المسيح المصلوب والقائم ممكنًا، بمقدار ما تستطيعون ـ وعبر الأمانة للإنجيل والشركة مع خليفة الرسول بطرس والكنيسة الجامعة ـ إظهارَ علامات المحبة والوحدة.
وتشير الرسالة إلى أن الشركة والوحدة عنصران أساسيان ومتكاملان للكنيسة الكاثوليكية، كما أن مشروع كنيسة “مستقلة” لا يتلاءم مع العقيدة الكاثوليكية، وأكد مجددا أن تعيين الأساقفة مسألة تعني البابا وأن سيامة غير شرعية تمثل جرحا أليمًا في الشركة الكنسيّة.
وفيما يتعلق بعلاقات الجماعة الكاثوليكية مع الدولة، يذكّر البابا بلهجةٍ هادئة ووقورة، بالعقيدة الكاثوليكية، ويعبّر عن أمنيته الصادقة بأن يستطيع الحوار أن يتقدم بين الكرسي الرسولي والحكومة، بهدف بلوغ اتفاق حول تعيين الأساقفة، والممارسة الكاملة للإيمان بالنسبة للكاثوليك، في احترام الحرية الدينية وتطبيع العلاقات بين الكرسي الرسولي وحكومة بكين. كما أن الإرشادات الراعوية التي يقدّمها الأب الأقدس بالغة الأهمية، ويشير أولا إلى صورة الأسقف ورسالته في الجماعة الأبرشية، كما يقدّم تعلميات حول الاحتفال الإفخارستي ويدعو إلى إنشاء الهيئات الأبرشية وفقا للقوانين الكنسية، إضافة إلى إرشادات متعلقة بتنشئة الكهنة وحياة العائلة.
ويتوجه بندكتس السادس عشر إلى كل الكنيسة في الصين بلغة راعوية ولا تكمن نيته في خلق أوضاع مواجهة مع الأشخاص أو الجماعات الخاصة. ويرغب الأب الأقدس بدعوة الكنيسة إلى أمانة أكثر عمقا ليسوع المسيح ويذكّر جميع كاثوليك الصين برسالتهم في أن يكونوا مبشرين في الإطار الحالي في بلادهم، وينظر باحترام وودّ عميق إلى تاريخ الشعب الصيني القديم والحديث، ويقول مرّة جديدة، إنه مستعد للحوار مع السلطات الصينية، مدركا بأن تطبيع حياة الكنيسة في الصين يتطلب حوار صادقًا منفتحا وبناء مع السلطات.
ومثل سلفه يوحنا بولس الثاني، إن بندكتس السادس عشر مقتنع بأن هذا التطبيع سيقدّم إسهاما لا يُضاهى للسلام في العالم، مضيفًا قطعة يتعذّر استبدالها في فسيفساء التعايش السلمي بين الشعوب. وينهي البابا رسالته إلى الأساقفة والكهنة والأشخاص المكرسين والمؤمنين العلمانيين في الكنيسة الكاثوليكية في جمهورية الصين الشعبية، بإعلانه يوم صلاة من أجل الكنيسة في الصين، ذلك في 24 من أيار مايو.