البابا بندكتس السادس عشر والحركات الكنسية

مقابلة صحفية مع الأب أرتورو كاتانيو البندقية، 5 يوليو 2007 (ZENIT.org). – الأب أرتورو كاتانيو هو أستاذ في معهد الحق القانوني في البندقية، وهو من أكبر الاختصاصيين في البعد الكنسي للجمعيات والحركات الكنسية الجديدة، وقد أصدر في هذه الأيام كتابًا بالإيطالية بعنوان: “تنوع المواهب في الكنيسة الواحدة والكاثوليكية”

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

في هذه المقابلة يشرح لنا الأب كاتانيو دور الجماعات الكنسية في الكنيسة وخصوصًا بحسب تعليم البابا بندكتس السادس عشر.

* * *

 يجري الحديث مؤخرًا عن كيفية دمج الحركات الكنسية في إطار الوحدة الكنسية. ماذا يقول لنا تعليم بندكتس السادس عشر في هذا الشأن؟

 الأب كاتانيو: يميل البعض أحيانًا إلى اعتبار هذه الظاهرة وكأنها مشكلة. أما البابا بندكتس السادس عشر فيتبنى موقفًا إيجابيًا، ومشجعًا وواثقًا.

إن تنوع المواهب في صلب الكنيسة لا يجب اعتباره مشكلة، بل هو مصدر غنى في الكنيسة، فوحدة الكنيسة ليست تطابقًا، بل تعدديةً تجعل منها شركة أخوية.

وقد وصف القديس بولس هذا التنوع بالشكل التالي: ” إِنَّ المَواهِبَ على أَنواع وأَمَّا الرُّوحُ فهو هو، وإِنَّ الخِدْماتِ على أَنواع وأَمَّا الرَّبُّ فهو هو، وإِنَّ الأَعمالَ على أَنواع وأَمَّا اللهُ الَّذي يَعمَلُ كُلَّ شَيءٍ في جَميعِ النَّاسِ فهوهو” (1 قور 12، 4- 6).

فالمسيح والروح القدس يستمران في مرافقة الكنيسة ويغنيانها، لأنهما مصدر الوحدة وتنوع المواهب.

 
كيف تشرحون التوترات التي تنشأ إذاً؟

 الأب كاتانيو: مما قلته آنفًا نفهم أن الوحدة والتنوع لا يتناقضان، ولكن هذا لا يعني أنهما يتناغمان بشكل أوتوماتيكي. 

فنحن أمام ضعف وحدود البشر، وكما يشرح لنا تعليم الكنيسة الكاثوليكية: “إن الخطيئة وثقل نتائجها تهدد باستمرار عطية الوحدة” (عدد 814).

عيش الوحدة في التنوع هو أمر يجب على الكنيسة رويدًا رويدًا أن تتعلم كيف تعيشه باتزان وتناغم.

 
ماذا يقترح بندكتس السادس عشر لتخطي هذه التوترات؟

 الأب كاتانيو: لقد دعا البابا مؤخراً إلى الحوار الصبور بين الرعاة والجماعات الكنسية على جميع الأصعدة.

فقد قال البابا: “بدءًا من كهنة الرعايا، مرورًا بالأساقفة ووصولاً إلى الحبر الأعظم، يجري السعي للتوصل إلى الهيكليات المناسبة: وقد أدى هذا الأمر إلى نتائج وثمار جيدة في كثير من الحالات. بينما في بعد الحالات ما زالت هناك حاجة للتعمق والدرس… حتى في الرباط الزوجي هنالك توترات ومصاعب. ومع ذلك يسير الأزواج قدمًا فينمو حبهما وينضج. الأمر نفسه يحدث في الجماعة الكنسية: علينا أن نتحلى بالصبر سوية” (جواب البابا بندكتس السادس عشر في حواره مع إكليروس أبرشية روما في 22 فبراير 2007).

 
ولكن ألم يشجع البابا الأساقفة على تقبل الجماعات بحب وعرفان؟

 الأب كاتانيو: نعم، وقد تحدث عن هذا الأمر في حالات مختلفة. ففي حديثه إلى الأساقفة الألمان أثناء زيارتهم الأعتاب الرسولية في نوفمبر الماضي، قال البابا:

“بعد المجمع الفاتيكاني الثاني، منحنا الروح القدس عطية الحركات. قد تبدو هذه أحيانًا غريبة بالنسبة لكهنة الرعايا وللأساقفة، ولكنها بالحقيقة مراكز إيمان يختبر فيها الشبان والراشدون حياة الإيمان كفرصة للعيش في أيامنا هذه. لهذا أدعوكم إلى التعامل مع لهذه الجماعات بكثير من المحبة. يجب أن نُدخل هذه الجماعات في الإطار الأبرشي والرعوي، ولكن علينا أن نحترم الطابع الخاص الذي تتحلى به مواهبها”.

وفي حديثه مؤخرًا إلى إكليروس أبرشية روما، قال البابا أن القديس بولس يذكرنا في رسالته الأولى إلى أهل تسالونيكي بأن القاعدة الأولى للتعامل مع الجماعات هو “عدم إطفاء المواهب!” فإذا كان الرب يعطينا مواهب جديدة، علينا أن نكون شاكرين، حتى ولو كانت هذه المواهب مزعجة أحيانًا”.

 
في كلامه عن الحركات في صلب الكنيسة، وعن الغنى في التنوع أثناء محاضرة في عام 1998، استشهد الكاردينال راتسينغر بدراسة قمتم بها بشأن الحركات الجديدة. ما هي الفكرة التي أراد راتسينغر أن يشير إليها؟

 الأب كاتانيو: أراد الكاردينال حينها أن يتحدث عن “الكاثوليكية” وهي ميزة ضرورية يجب على كل الكنائس الخاصة أن تتمتع بها. فبفضل هذه الخاصة، تصبح الكنيسة وحدة في التنوع.

ولكن الكاثوليكية ليست هبة تلقتها الكنيسة من الرب وحسب. بل هي هبة يجب تفعيلها بشكل مستمر، وللأسقف مسؤولية كبيرة في هذا الشأن.

يجب أن نستطيع القول عن كل كنيسة محلية أنها ” وفي المحبة تفقَهُ جميع اللغات وتضمّها إليها، وهكذا تنتصر على بلبلة بابل” (إلى الأمم 4)، وأنها تدخل في الاختلاف البشري وتجمعه في “الملء الكاثوليكي” (إلى الأمم 6). وأنها ” تعزز وتتبنى مقدرات الشعوب وثرواتها وطرق معيشتها بقدر ماهي خيرة. وبهذا التبني تطهرها وتقويها وترفعها […]؛ وتتوق بشكل فعال إلى جمع البشرية بأسرها بالمسيح، في وحدة روحه” (نور الأمم 13).

إن تحقيق الكاثوليكية هو مهمة “ترتبط – بحسب البابا يوحنا بولس الثاني – بقدرة الجماعة المسيحية أن تفسح مجالاً لجميع عطايا الروح. فوحدة الكنيسة ليست تطابقًا، بل هي اندماجًا عضويًا في الاختلاف المشروع” (Novo Millennio ineunte – 2001 –, n. 46).

 

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير