الكهنة
13. والآن أودّ أن أتوجه بتحية خاصة وبدعوة إلى الكهنة – خصوصاً أولئك الذين سيموا في السنوات الأخيرة – الذين سلكوا طريق الخدمة الراعوية بسخاء كبير. يبدو لي أن الوضع الكنسي والإجتماعي-الإقتصادي القائم حالياً يجعل الحاجة أكثر إلحاحاً إلى استمداد النور والقوة من منابع الروحنية الكهنوتية التي تتمثل بحب الله واتّباع المسيح اتباعاً مطلقاً وشغف إعلان الإنجيل والأمانة للكنيسة وخدمة القريب السخية.
وكيف لي، في هذا الصدد، ألا أذكر كتشجيع للجميع، الأساقفة والكهنة البارزين الذين كانوا، في السنوات الصعبة التي طبعت الماضي القريب، شهوداً للمحبة التي لا تكلً ولا تنضب للكنيسة، ولو على حساب حياتهم من أجل الكنيسة والمسيح؟ أيها الكهنة الأعزاء! يا من تحتملون “ثقل النهار وحرّه الشديد” (متى 20: 12)، يا من تضعون يدكم على المحراث ولا تلتفتون إلى الوراء (لو 9: 62)، فكروا في الأماكن التي ينتظر فيها المؤمنون بحرقة الشوق حضور كاهن وحيث، على مدى سنوات طويلة، إفتقدوا إلى كاهن ولم يكفوا يرفعون الصلوات على هذه النية.
أعلم أنه من بينكم أشقاء عرفوا أوقاتاً وظروفاً عصيبة، واضطروا إلى اتخاذ مواقف لا تلتقي دائماً مع وجهة نظر الكنيسة، وأنهم يريدون، بالرغم من كل ذلك، العودة إلى ملء الشركة مع الكنيسة. وفي روح هذه المصالحة العميقة التي لم ينفك سلفي الموقر يدعو الكنيسة في الصين إليها، أتوجه الآن إلى الأساقفة الذين هم في شركة مع خليفة بطرس، كيما يقوموا بتقويم هذه المسائل كلاً على حدة بروح أبوية ويعطوا جواباً شافياً تلبيةً لهذا التطلع، ملتجئين – عند الضرورة—إلى الكرسي الرسولي لحصول على المساعدة. وكعلامة لهذه المصالحة المرجوة، أعتقد أن الخطوة الأبرز تكون في أن تقوم الجماعة — لمناسبة يوم الدعوات الكهنوتية الذي يصادف يوم خميس الأسرار، على غرار ما يجري في الكنيسة الجامعة، أو في مناسبة أخرى قد تعتبرها ملائمة أكثر — بإعلان إيمانها، شهادةً على الشركة الكاملة التي تمّ بلوغها، من أجل بناء شعب الله المقدس الموكل إلى رعايتكم الرعائية ولتمجيد الثالث الأقدس.
إضافةً إلى ذلك، إنني أعي أنه في الصين أيضاً، كما في الكنيسة جمعاء، تبرز حاجة إلى إعداد مستمر وملائم لسلك الكهنوت، ما يبرّر الدعوة الموجهة إليكم، أنتم الأساقفة، بوصفكم قادة للجماعات الكنسية، للتفكير خصوصاً في الكهنة الشباب الذين يواجهون تحديات راعوية جديدة متزايدة، مرتبطة بمستلزمات مهمة إعلان الإنجيل لمجتمع معقّد شأن المجتمع الصيني المعاصر. لقد ذكّرنا البابا يوحنا بولس الثاني بأن الإعداد المستمر للكهنة هو “من الشروط الأساسية لعطية الرسامة وخدمة الأسرار الممنوحتين؛ وهو ضروري في كل الأزمنة، وخصوصاً اليوم، لا لاعتبارات التغيرات السريعة التي تطال البيئة الإجتماعية والثقافية للأفراد والشعوب التي تُمارَس ضمنها الخدمة الكهنوتية فحسب، إنما أيضاً نظراً لمهمة “التبشير الجديد بالإنجيل” التي تشكل مهمة الكنيسة الجوهرية والملحة في نهاية الألفية الثانية”.