ففي الرسالة التي عنوانها: “ستنالون قوة من الروح القدس الذي ينزل عليكم فتكونون لي شهودًا” (رسل 1، 8)، كشف بندكتس السادس عشر كيف أن الروح القدس كان حاضرًا في صفحات الكتاب المقدس الأولى التي تتحدث ” عن روح الله كنسمة “ترفرف على وجه الغمر” (راجع تك 1، 2)”.
وأشار البابا إلى أن الكتاب يوضح بدقة “بأن الله نفخ في أنف الإنسان نسمة حياة (راجع تك 2، 7)، مانحًا إياه هكذا هبة الحياة بالذات”.
وتابع المسيرة البيبلية مستعرضًا مداخلات الروح القدس في تاريخ الخلاص، وإقامته أنبياء لكي يدعوا الشعب المختار للرجوع إلى الله ولكي يحفظ بأمانة وصاياه.
واستشهد بندكتس السادس عشر برؤيا النبي حزقيال حيث يقوم الله بروحه بإعادة إحياء شعب إسرائيل، المتمثل بـ “العظام الجافة” (راجع 37، 1- 14).
ومن ثم عرض البابا كلمات نبوءة يوئيل: “سيَكونُ بَعدَ هذه أَنِّي أُفيضُ روحي على كُلِّ بَشَر … وحتى على العَبيدِ والإِماءِ أَيضاً أُفيضُ روحي في تِلكَ الأَيَّام” (3، 1- 2).
ثم قدّم بندكتس السادس عشر تدخل الروح في “ملء الأزمنة”، (راجع غلا 4، 4)، حيث أعلن ملاك الرب لعذراء الناصرة أن الروح القدس، “قوة العلي”، سيُظللها، لذلك يكون الـمَولودُ منها قُدُّوساً وَابنَ اللهِ يُدعى (راجع لو 1، 35).
وأشار الحبر الأعطم إلى أن المسيح بحسب تعبير النبي أشعيا “هو ذاك الذي سيحل روح الرب عليه (راجع 11، 1- 2؛ 42، 1)”.
وقد تطرق يسوع نفسه إلى هذه النبوءة في مطلع حياته العلنية في مجمع الناصرة فقال على مسمع الحاضرين في المجمع: “رُوحُ الرَّبِّ عَلَيَّ لأَنَّهُ مَسَحَني لأبَشِّرَ الفُقَراء وأَرسَلَني لأُعلِنَ لِلمَأسورينَ تَخلِيَةَ سَبيلِهم ولِلعُميانِ عَودَةَ البصَرِ إِلَيهِم وأُفَرِّجَ عنِ الـمَظلومين وأُعلِنَ سَنَةَ رِضىً عِندَ الرَّبّ” (لو 4، 18- 19؛ راجع أش 61، 1- 2). بتوجهه إلى الجمع سيطبق يسوع على نفسه هذه الكلمات النبوية قائلاً: “اليوم تَمَّت هذه الآيةُ بمسمَعٍ منكُم” (لو 4، 21).
كما وذكر البابا الشبيبة بوعد يسوع بارسال الروح القدس “المعزي” لتلاميذه، فيشهد ليسوع ويعضد التلاميذ، متحدثًا عن العنصرة.