روما، 27 يوليو 2007 (ZENIT.org) – “الحوار المسكوني هو، بحسب عبارة غالية على قلب سلفه، “تبادل للمواهب”. والتأكيدات الفنية لوثيقة مجمع عقيدة الإيمان يجب ألا تنسينا ذلك”، بحسب الأخ ميشال ماليفر، مدير القسم الوطني لأساقفة فرنسا من أجل وحدة المسيحيين، في مقابلة صدرت يوم الثلاثاء في 10 يوليو على موقع المجلس الأسقفي (http://www.cef.fr).
فقد أصدر مجمع عقيدة الإيمان في العاشر من يوليو الحالي وثيقة يُرفَق بها شرح ذات قيمة حول “بعض أوجه عقيدة الكنيسة”.
وشدد مجلس أساقفة فرنسا على أن الوثيقة تتناول بشكل أساسي “معنى التأكيد المجمعي الذي يفيد بأن كنيسة المسيح “موجودة بالكلية في الكنيسة الكاثوليكية”” (دستور عقائدي في الكنيسة، الفقرة 8)، وبالتالي استخدام مصطلحي “الكنيسة” و”الجماعات الكنسية” في المجمع الفاتيكاني الثاني ذاته وفي النصوص الصادرة عن السلطة الكنسية. ننشر في ما يلي القسم الثاني من المقابلة مع الأخ ميشال ماليفر.
لما تمّ نشر نص كهذا قد يتسبب بجرح مسيحيين آخرين؟
الأخ ماليفر: إن النص يشرح أن الغاية منه هي “توضيح المعنى الحقيقي لبعض العبارات الإكليزيولوجية التي تعتمدها سلطة الكنيسة” مقابل دراسات اعتُبرت “غير خالية من الأخطاء واللبس والغموض”. ولعلّه أيضاً يترجم حرص البابا الحالي على إعادة إرساء الشركة مع مؤمنين تراودهم شكوك بأن المجمع الفاتيكاني الثاني قد “بدّل” العقيدة الكاثوليكية، ما يعمد النص على نفيه مراراً وتكراراً. ولكن علينا أن نتذكّر خصوصاً أن الحوارات المسكونية كلها تتناول اليوم مسألة طبيعة الكنيسة. في العام 2005 نشرت لجنة “إيمان ودستور” التابعة للمجلس المسكوني للكنائس والتي يشارك فيها لاهوتيون كاثوليك نصاً مهماً لتلاقي وجهات النظر تمّ رفعه إلى الكنائس والجماعات الكنسية للموافقة عليه. ويبيّن نص مجمع عقيدة الإيمان بشكل واضح أننا لم نتوصل بعد إلى اعتراف متبادل من الشركاء في الحوار يفيد بأنهم جميعاً كنيسة يسوع المسيح في ملئها وأنهم قادرون على استعادة الشركة في ما بينهم.
ألا يقدّم نص كهذا صورة متعالية عن الكنيسة الكاثوليكية؟
الأخ ماليفر: هذه هي حدود نص من هذا النوع قد لا يكون متكيّفاً بالقدر المطلوب مع وسائل التواصل الحديثة. علينا أن نبقي في بالنا أن له هدفاً محدوداً وأن التأكيدات التي يأتي بها يجب أن توازيها قناعات إضافية ترد في نصوص أخرى من المجمع الفاتيكاني الثاني والسلطة الكنسية اللاحقة. إنني أفكر في تأكيدات المجمع التي تعلن أن الكنيسة مؤلفة من خطأة ومدعوة إلى عملية تطهير ضرورية. فالقرار في الحركة المسكونية يعترف، على سبيل المثال، بأنه “مع أن الكنيسة الكاثوليكية غنية بكل حقيقة أوحاها الله وبجميع وسائل النعمة، فأعضاؤها لا يعيشون منها بالحرارة المتوجبة”. ويضيف المجمع: “بحيث أن وجهها يبدو للإخوة المنفصلين عنا وللعالم قاطبةً أقل تألقاً، ويتأخر نموّ ملكوت الله” (الفقرة 4).
هل ما زال الحوار المسكوني يُعتبَر أولوية في الكنيسة الكاثوليكية؟
الأخ ماليفر: طبعاً، فمنذ لحظة انتخابه ذكّر البابا بندكتس السادس عشر بذلك وشرحُ النص يشدّد على هذه النقطة في خاتمته. فمن بين ما يقدمه لنا هذا الحوار المسكوني بالتحديد مساعدتنا في فعل التطهير التي تحدثتُ عنه للتو. وتبيّن نصوص المجمع أنه في مسيرة الإرتداد هذه، نحن بحاجة إلى بعضنا البعض الآخر، وأن “كل ما تعمله نعمة الروح القدس في الإخوة المنفصلين بإمكانه أن يُسهم أيضاً في بنياننا” (قرار مجمعي في الحركة المسكونية، الفقرة 4). وقد اعترف البابا يوحنا بولس الثاني بدوره بأننا “وبوصفنا كنيسة كاثوليكية، نعي أننا اكتسبنا غنى كبيراً من الشهادة والأبحاث وحتى من الطريقة التي أضاءت وعاشت من خلالها الكنائس والجماعات الكنسية الأخرى بعض الخيور المشتركة بين المسيحيين” (رسالة ” Ut unum sint”، الفقرة 87).
إذاً إن هذا النص لا يعني أن مفهوم المسكونية ستُختصَر في فكرة “عودة” المسيحيين الآخرين إلى حضن الكنيسة الكاثوليكية؟
الأخ ماليفر: كلا، ففي خطابه الشهير الذي ألقاه خلال اللقاء المسكوني في كولونيا في 19 أغسطس 2005، ذكّر البابا بندكتس السادس عشر بأن المفهوم الكاثوليكي للوحدة لا يعني “العودة”، على عكس ما قد توحيه قراءة سطحية للنص الصادر عن مجمع عقيدة الإيمان. ففي هذا الخطاب جدّد البابا التأكيد على القناعة التي نجدها اليوم في صلب النص الحالي وقال إن الحوار المسكوني هو، بحسب عبارة غالية على قلب سلفه، “تبادل للمواهب”. ولا يجوز للتأكيدات التقنية الواردة في نص مجمع عقيدة الإيمان أن تنسينا ذلك.