بيروت، 20 سبتمبر 2007 (zenit.org). ننشر في ما يلي مقالة للأب ميخائيل روحانا الأنطوني، تعليقاً على النداء الثامن للأساقفة الموارنة الذي صدر أمس 19 سبتمبر 2007 .
عند الساعة الواحدة والنصف من بعد ظهر الأربعاء الواقع فيه 19سبتمبر 2007، وبعد سبع سنوات على البيان الشهير الذي أطلقه صاحب الغبطة البطريرك الماروني بالتاريخ نفسه من عام 2000، على أثر انسحاب الجيش الإسرائيلي من الجنوب، مطالبا بتطبيق كافة بنود الطائف وبخاصة انسحاب الجيش السوري، أطل أمين سر المجمع ألبطريركي المنسنيور يوسف طوق ليتلو البيان الصادر اليوم. إن أهم ما ركز عليه البيان في هذا الظرف العصيب هو التالي:
1- تعداد مآسي الوطن الحالية لجهة خسارة أبنائه وأدمغته بالهجرة الدائمة
2- الفقر الذي بات تعاني منه الشريحة الكبرى من المواطنين
3- التحذير من عبادة المال واحتكار خيرات البلاد في أيد معدودة وغريبة
4- التحذير من وقوع لبنان بأيدي الميليشيات على أثر حرب شعبية تعد لها فئات متعددة اقتناء للسلاح وتدريبا
5- تحديد لبنان على أنه أصغر من أن يقسّم وأن شعبه أقل عددا من أن يفأت ويسيّب
6- حفظ حقوق المنتشرين الكاملة بالمشاركة في الانتخابات التشريعية وتقرير مصير وطنهم
7- على السياسيين أن يعوا خطورة الظرف وأن يفضّلوا خير وطنهم على خير العالم بأثره
8- على السياسيين أن يحذروا التسلّح والتدريبات القائمة ويفضلوا خير الوطن العام على خيرهم الخاص
9- على النواب أن يعودوا إلى ضمائرهم وأن لا يقاطعوا جلسة الانتخاب لأنهم بهذا يقاطعون الوطن
10- على أبناء لبنان كافة أن يرفعوا القلوب نحو الله الذي نؤمن به جميعا، كل على طريقته، كي يمحو من القلوب الأحقاد والضغائن ويرمي فيها المحبة والسلام
11- التذكير بما قاله، المثلث الرحمات، قداسة البابا يوحنا بولس الثاني في لبنان وعن لبنان: إنه رسالة للشرق والغرب، رسالة محبة وعيش مشترك"، وبهذا يصلح أن يكون قدوة للعالم ويعود للقول المأثور:"طوبى لمن له مرقد عنزة في جبل لبنان" رونقه الأول.
ومن كان ينتظر من البيان تسمية رئيس الجمهورية أو أقله تأييد خط على آخر خاب أمله إذ إن بكركي لم تزل، بالأمس كما اليوم، وستبقى ما دام لبنان الجبل باقيا، محافظة على سقف لا يعلوه سقف، ألا وهو سقف الوطن الكريم من كرامة أبنائه كافة، صاحب قراراه ولو بعد التشاور مع كافة الدول، المحافظ على مصلحة شعبه دون أن يضرّ بصالح الشعوب الأخرى ولا حتى أن يسمح بأن يكون أداة للضرر بأحد. إن البطريركية المارونية كانت وستبقى فوق الأشخاص والعقائد الخاصة. إنها السقف المسيحي للشرق الأوسط بأثره، والشاهد الأساسي لحقانية إنجيل المسيح وإمكانية حضوره في قلب أبناء الوحي الإبراهيمي من يهود ومسلمين. لذا أتى البيان مركزا على جوهر الأمور لا على عوارضها. فهل يعي السياسيون الذين توجّه البيان إليهم بشكل غير قابل للجدل، التحذير الموجّه إليهم في شهر رمضان الكريم وزمن الصليب المبارك، ويمتنعوا عن أن يكونوا للمال عبيدا ويتحوّلوا بالتالي إلى من يجعل من المال خادما لأصغر الناس؟
جدير بالذكر تنويه البيان ببطولة الجيش اللبناني وشهدائه في زوده عن كرامة الوطن وحريته ووحدته وبما عان منه في حرب نهر البارد التي فُرضت على الجيش وعلى لبنان.
أما فيما يتعلق بالإشكاليات الدستورية والنصاب، فيأتي عدم التطرق لها، بنظرنا، من باب أن البطريرك والمطارنة يعتبرون السياسيين من الثقافة والعلم بمكانة كافية ليحسنوا قراءة الدستور ويحترموا بنوده. إنهم ليسوا بحاجة إلى شرح وتفسير وتحليل وتفاصيل إلا إذا كانوا يتعامون عمدا عن المنطق العلمي والدستوري والعرفي لأغراض في نفس يعقوب. عندها يسقط كل منطق وينعدم الإقناع والاقتناع ويصح القول المأثور: "فالج لا تعالج"