روما، 14 سبتمبر 2007 (zenit.org). – ننشر في ما يلي الرسالة التي بعث بها البابا بندكتس السادس عشر الى البطريرك المسكوني برثلماوس الأول، رئيس أساقفة القسطنطينية، الذي ترأس مؤتمر البيئة في بداية هذا الشهر.

إلى غبطة البطريرك المسكوني برثلماوس الأول

رئيس أساقفة القسطنطينية

إنه ليسعدني أن أحييكم وكل المشاركين في الندوة السابعة حول الدين والعلوم والبيئة الذي يركز اهتمامه في هذا العام على موضوع "القطب الشمالي: مرآة الحياة". إن تفانيكم والتزامكم الشخصي بحماية البيئة يظهر الحاجة الماسة لأن يعمل العلم والدين معاً على حماية كنوز الطبيعة وتعزيز الإدارة المسؤولة. ومن خلال الكاردينال ماك كاريج أودّ أن أجدد التأكيد على تضامني الخالص مع أهداف المشروع وأن أؤكد لكم أملي بحصول اعتراف عالمي أكبر بالعلاقة الحيوية بين إيكولوجيا الشخص البشري وإيكولوجيا الطبيعة (راجع رسالة يوم السلام العالمي 2007، الفقرة 8).

إن حماية البيئة وتعزيز التنمية المستدامة وإيلاء اهتمام خاص للتغيرات المناخية لهي من المواضيع التي تشغل الأسرة البشرية ككل. فما من أمة أو قطاع أعمال يمكنه أن يتجاهل الإعتبارات الأخلاقية التي تتضمنها كافة أوجه التنمية الإقتصادية والإجتماعية. وتبين الأبحاث العلمية بوضوح متزايد أن للأنشطة البشرية الحاصلة في أي بقعة أو منطقة تداعيات على الصعيد العالمي. ولا تنحصر عواقب إهمال البيئة بمنطقة واحدة أو شعب واحد لأنها تؤذي دائماً التعايش البشري وتخون بالتالي الكرامة الإنسانية كما وتغتصب حقوق المواطنين الذي يتوقون إلى العيش في بيئة آمنة (راجع المصدر المذكور آنفاً، الفقرة 8 و9).

إن الندوة المخصصة هذه السنة أيضاً لمسألة الموارد المائية تأخذكم ومختلف القادة الروحيين والعلماء والأطراف المعنية الأخرى إلى منطقة الـ"Ilulissat Icefjord " على الساحل الغربي للغرينلاند. وإذ تجتمعون في هذه المنطقة الجليدية الفريدة الخلابة وفي هذا الموقع المصنَّف تراثاً عالمياً، لا شك في أن قلوبكم وعقولكم تتجه تلقائياً إلى معجزات الله وتهتف برهبة مع صاحب المزامير لتمجيد إسم الرب: "ما اعظم اسمك في الأرض كلها". وإذا غصتم في التأمل بـ"صنع يديه" (مز 8)، تصبح مخاطر الإبتعاد الروحي عن الخلق واضحة المعالم. فالعلاقة بين الأفراد أو الجماعات من جهة والبيئة من جهة أخرى تنبع من العلاقة التي تجمعهم بالله. فعندما "يدير الإنسان ظهره لمشروع الخالق، يتسبب بفوضى يكون لها تداعيات أكيدة على باقي النظام المخلوق" (رسالة يوم السلام العالمي للعام 1990، الفقرة 5).

غبطة البطريرك، إن الطبيعة العالمية والمتعددة المجالات لهذه الندوة تؤكد على الحاجة إلى حلول عالمية للمسائل المطروحة. ويزيدني أمل الإعتراف المتزايد بأنه على المجتمع البشري برمّته – أطفالاً وكباراً وقطاعات صناعية ودولاً وهيئات دولية- أن يأخذ على محمل الجدّ المسؤولية التي تقع على كل منا. وفي حين يصحّ أن الدول الصناعية ليست حرة من الناحية الأخلاقية بتكرار أخطاء الآخرين الماضية باستمرارها بتدمير البيئة بشكل عشوائي (راجع المصدر المذكور آنفاً، الفقرة 10)، لا بدّ للدول الصناعية بامتياز من أن تتبادل "وسائل التكنولوجيا النظيفة" وتضمن أن أسواقها الخاصة لا تشجع استدامة الطلب على السلع التي يساهم إنتاجها في ازدياد نسبة التلوث. إن التكافل بين الأنشطة الإقتصادية والإجتماعية للدول يتطلب تضامناً وتعاوناً وجهوداً تربوية مستمرة على الصعيد الدولي. وهذه هي المبادئ التي تدعمها حركة الدين والعلوم والبيئة بشجاعة.

بمشاعر التقدير العميقة وإدراكاً مني لالتزامكم بتشجيع ودعم كل الجهود المبذولة من أجل حماية عمل الله (راجع الإعلان المشترك، تاريخ 30 نوفمبر 2006)، أرفع الصلاة إلى الله القدير كيما ينعم على ندوتكم هذه السنة بفيض بركاته. رافقكم الله وكل المجتمعين في أعمالكم كي تمجّد كل الخليقة إسم الله!


الفاتيكان، الأول من سبتمبر ‏2007‏‏

بندكتس السادس عشر