(روبير شعيب)
الفاتيكان، 29 نوفمبر 2007 (ZENIT.org). – “الحوار المسكوني هو حوار الحقيقة والمحبة؛ والاثنتان مرتبطتان رباطًا وثيقًا ولا يمكن الاستعاضة بإحداهما عن الأخرى”، هذا ما قاله رئيس المجلس الحبري لتعزيز وحدة المسيحيين، الكاردينال فالتر كاسبر.
جاءت كلمات الكاردينال خلال لقاء الصلاة الذي ضم الأب الأقدس والكرادلة، قبيل الكونسيستوار العادي، الأسبوع الماضي.
وقد أراد الكاردينال، في مطلع حديثه أن يبين أن ركيزة الحوار المسكوني، “والذي يجب تمييزه عن الحوار بين الأديان”، هي “الوصية التي تركها يسوع عشية موته: ” Ut unum sint ” (ليكونوا واحدًا) (يو 17، 21). كما وذكر أن المجمع الفاتيكاني الثاني قد اعتبر تعزيز وحدة المسيحيين “كإحدى مهماته الأساسية” (وحدة المسيحيين 1)، و “كدفع من الروح القدس” (المرجع نفسه 1؛ 4).
كما وأشار الكاردينال أن البابا يوحنا بولس الثاني قد صرح أن “الحوار المسكوني هو مسيرة لا رجوع فيها إلى الوراء”، وأن بندكتس السادس عشر، من ناحيته، قد “أخذ على عاتقه كمهمة أولوية، العمل بجد مستمر على إعادة بناء الوحدة الكاملة والظاهرة بين كل أتباع المسيح”، وهو يقين بأن إظهار النيات الحسنة لا يكفي، بل “ينبغي القيام بأعمال حسية تدخل في النفوس، وتحرك الضمائر، وتحث كل الأشخاص إلى ارتداد داخلي، هو مبدأ كل تقدم في سبيل الحوار المسكوني”.
وحذر الكاردينال من اعتبار الحوار المسكوني نوعًا من “النسبية الكنسية”، مذكرًا أن “الحوار المسكوني هو حوار الحقيقة والمحبة؛ والاثنتان مرتبطتان رباطًا وثيقًا ولا يمكن الاستعاضة بإحداهما عن الأخرى”، مذكرًا أن هذه المبادئ يجب احترامها كونها متضمنة في “الدليل المسكوني” الذي صدر عام 1993.
نتائج الحوار المسكوني وبالكلام عن نتائج الحوار المسكوني في العقود الأخيرة، عبر الكاردينال عن رضاه لأن ثمار الحوار لم تقتصر على الوثائق المشتركة التي أصدرتها الكنائس والجماعات الكنسية، بل “الأخوّة التي تم إيجادها من جديد، وأننا اكتشفنا، من جديد، أننا إخوة وأخوات في المسيح، وتعلمنا أن نقدر بعضنا البعض، وبدأنا المسير سوية في درب الوحدة”. وتابع بالقول أننا إذ نلحظ أن موقف الحماسة الأولية قد تداخل فيه موقف اعتدال ويقظة فإنما هذا دليل لنضج الحوار المسكوني.
ثلاثة أبعاد وأشار كاسبر أننا نستطيع أن نميز بين 3 أبعاد للحوار المسكوني.
البعد الأول يتعلق بكنائس الشرق العريقة واكنائس الألفية الأولى الأرثوذكسية، “التي نعترف بأنها كنائس بحد ذاتها، من الناحية الإكليزيولوجية، لأنها حافظت مثلنا على الإيمان والخلافة الرسولية” البعد الثاني يتعلق بالجماعات الكنسية التي ولدت بشكل مباشر أو غير مباشر عن إصلاح القرن السادس عشر. “لقد أنمت هذه الكنائس إكليزيولوجيتها الخاصة مرتكزة على الكتاب المقدس”.
وأخيرًا، هناك موجة ثالثة، وهي الحركات المواهبية والبنتكوستالية، التي نشأت في مطلع القرن العشرين، وقد انتشرت في مختلف أنحاء العالم، وهي بنمو متصاعد”. ولذا، أشار الكاردينال، على الحركة المسكونية أن تأخذ بعين الاعتبار واقعًا متنوعًا، وبيئات ثقافية مختلفة.
بالحديث عن الكنائس الأرثوذكسية، ذكّر الكاردينال بالاتفاقات التي توصلت إليها الكنيسة الكاثوليكية مع الكنائس الأرثوذكسية في عهد البابا بولس السادس والبابا يوحنا بولس الثاني، متخطية النزاعات الكريستولوجية القديمة العائدة إلى مجمع أفسس (381).
في المرحلة الثانية، تركز الحوار في السنوات الأخيرة على الإكليزيولوجيا، أي حول “مفهوم الشركة الكنسية وركائزها”، وأشار رئيس المجلس الحبري لتعزيز وحدة المسيحيين أن اللقاء المقبل سيعقد في دمشق من 27 يناير إلى 2 فبراير 2008.
هذا وذكر الكاردينال أن الخطوات الأولى في الحوار بدأت بين البابا بولس السادس وبطريرك القسطنطينية أثناغوراس، مشيرًا إلى “سفر المحبة” وإلى إلغاء الأحرام المتبادلة التي فرقت بين الكنيستين طوال الألفية الثانية، انطلاقًا من عام 1054.
وذكر الكاردينال بتدهور العلاقات الذي نتج عن ظهور الكنائس الشرقية الكاثوليكية العلني، والذي أدى إلى عودة مسألة “الدمج” الأمر الذي أدى إلى تردي وضع الحوار المسكوني مع الكنائس الأرثوذكسية، وتطلب التوضيحات التي أعطيت في البلمند (1993)، وفي بالتيمور (2000). وقد باشر الحوار المسكوني التقدم من جديد انطلاقًا من عام 2006، في لقاء بلغراد، ومن ثم في لقاء رافينا الذي عقد مؤخرًا.
وقد شكلت وثيقة رافينا، الذي عنوانه “النتائج الإكليزيولوجية والقانونية لطبيعة الكنيسة الأسراري”، نقطة تحول بارزة. فقد كان المرة الأولى التي يعترف به المحاورون الأرثوذكس بتقدم أسقف روما بحسب تقليد الكنيسة القديمة. كما وعبر كاسبر عن تفاؤله بشأن العلاقات مع بطريركة روسيا الأرثوذسية، مشيرًا إلى أن العلاقات تسير نحو “ذوبان جليد” بين الكنيستين”.