كلمة قداسة البابا بندكتس السادس عشر قبيل تلاوة صلاة التبشير الملائكي

الفاتيكان، الأحد 2 مارس 2008 (Zenit.org). – ننشر في ما يلي الكلمة التي ألقاها قداسة البابا بندكتس السادس عشر في ساحة القديس بطرس في الفاتيكان قبيل تلاوة صلاة التبشير الملائكي.

Share this Entry

* * *

أيها الإخوة والأخوات الأعزاء!

في هذه الآحاد، من خلال نصوص إنجيل يوحنا، تضع الليتورجية في متناولنا مسيرة معمدانية متكاملة: فالأحد الماضي، وعد يسوع السامرية بهبة “الماء الحي”؛ اليوم، من خلال شفاء الأعمى يبين أنه “نور العالم”؛ الأحد المقبل، عبر إعادة إحياء صديقه العازر، سيقدم نفسه كـ “القيامة والحياة”. الماء، النور والحياة: هي رموز معمدانية، والمعمودية سر “يغطّس” المؤمنين في سر موت وقيامة المسيح، ويحررهم من عبودية الخطيئة ويمنحهم الحياة الأبدية.

نتوقف لبرهة على نص المولود أعمى (يو 9، 1 – 41). يعتبر التلاميذ، بحسب العقلية التي كانت سائدة في ذلك الزمان، أن عمى الرجل هو نتيجة طبيعية لخطيئته أو خطيئة أحد والديه. أما يسوع فيرفض هذا الحكم المسبق ويقول: “ما هو خطئ ولا أبواه، بل لكي تتجلى فيه أعمال الله” (يو 9، 3). كم هي معزية هذه الكلمات! فهي تجعلنا نسمع لصوت الله الحي، الذي هو حب حكيم يعنى بنا!

أمام رجل مثقل بالمحدودية والألم، لا يفكر يسوع بالخطيئة، بل بإرادة الله الذي خلق هذا الإنسان للحياة. ولهذا يعلن بشكل جدي: “علينا أن نقوم بأعمال الذي أرسلني… ما دمت في العالم فأنا نور العالم” (يو 9، 5). ثم ينتقل فورًا إلى العمل: فبقليل من التراب والتفال جَبَلَ طيناً، وطَلى بِه عَينَي الأَعْمى.

هذا التصرف يشير إلى خلق الإنسان، الذي يسرده الكتاب المقدس عبر رمز الأرض المجبولة التي يُنفخ فيها روح الله (راجع تك 2، 7). “آدم” يعني بالواقع “أرض”، وجسم الإنسان مكون من عناصر الأرض. عبر شفاء الإنسان، يقوم يسوع بعمل خلق جديد.

ولكن الشفاء يولّد نقاشًا حادًا، لأن يسوع يقوم به في يوم سبت، مخالفًا بذلك وصية يوم الراحة بحسب الفريسيين. وهكذا، في ختام السرد، يطرد الفريسيون يسوع والأعمى سوية: الأول لأنه تجاوز الشريعة، والثاني لأنه رغم الشفاء، ينظرون إليه كخاطئ منذ مولده.

يكشف يسوع للأعمى الذي نال الشفاء أنه أتى العالم لكي يصدر حكمًا، فيفصل العميان الذين يمكن شفاؤهم، عن أولئك الذين يرفضون الشفاء لأنهم يظنون أنهم سالمون.

يعيش الإنسان تجربة قوية وهي أن يبني نظام أمن إيديولوجي: حتى الدين يمكن أن يصبح عنصرًا في هذا النظام، وكذلك الإلحاد والعلمنة، ولكن بهذا الشكل يبقى معميًا في أنانيته.

أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، فلنفسح المجال ليسوع لكي يشفينا، فهو يستطيع أن يهبنا نور الله! لنعترف بعمانا، وبقصر نظرنا، وخصوصًا بما يسميه الكتاب المقدس “الخطيئة الكبرى” (راجع مز 18، 14): الكبرياء. فلتساعدنا في ذلك مريم الكلية القداسة، التي، من خلال إنجابها للمسيح في الجسد، أعطت العالم النور الحق.

* * *
نقله من الإيطالية إلى العربية روبير شعيب – وكالة زينيت العالمية (Zenit.org)
حقوق الطبع محفوظة لمكتبة النشر الفاتيكانية – 2008.

Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير