الرابع من مارس
روما، الثلاثاء 4 مارس 2008 (zenit.org). – ننشر في ما يلي تأمل اليوم الرابع من مارس للبابا بندكتس السادس عشر، من كتاب “بندكتس”.
تجلّي الصوم
لمّا استولى عليهم الخوف بحضور الربّ المتجلّي الذي كان يكالم موسى وإيليّا، إذا غمامٌ يظلّلهم وصوت من الغمام يقول: “هذا هو ابني الحبيب، فله اسمعوا” (مر9: 7), عندما يُمنَح أحدٌ ما نعمة أن يشعر بحضور قويّ للرب معه، كأنه يعاين أمراً شبيهاً لما خبره التلاميذ أثناء التجلي: فهم لوهلةٍ خبروا قبل الأوان أمراً سيشكل سعادة الجنة. وهذه بشكل عام خبرات وجيزة يمنحناها الله بين الفينة والفينة، خصوصاً قبيل المحن العصيبة والتجارب المريرة. ولكن أحداً لا يعيش على “جبل طابور” وهو لا يزال على الأرض. والوجود البشري مسيرة إيمان وهي، من هذا المنطلق، تدخل أكثر إلى الظلمة منه إلى النور المضيء، مع لحظات عتمة وظلمة أشدّ حلكة. وفيما نحن هنا، تتطوّر علاقتنا مع الله بالإستماع والإصغاء أكثر منه بالرؤية والبصر، حتى إن التأمل يحصل، إذا جاز التعبير، والعينان مغمضتان، بفضل النور الداخلي الذي تضيئه فينا كلمة الله… هذه هي العطية وهذا هو التزام كل منا في زمن الصوم هذا: أن نصغي إلى المسيح، على مثال مريم. أن نصغي إليه في الكلمة المحفوظة في الكتاب المقدس. أن نصغي إليه في كل حدث من أحداث حياتنا، فنحاول أن نقرأ فيها رسائل من العناية الإلهية لنا. أن نصغي إليه، أخيراً، في إخوتنا، ولاسيما في الصغير والفقير الذي طلب منا يسوع نفسه أن نحبّهم بمحبة ملموسة. أن نصغي إلى المسيح ونطيع صوته. هذا هو السبيل الوحيد إلى الفرح والمحبة.