الخامس من مارس
روما، الأربعاء 5 مارس 2008 (zenit.org). – ننشر في ما يلي تأمل اليوم الخامس من مارس للبابا بندكتس السادس عشر، من كتاب "بندكتس".
في جذور بؤسنا
بماذا يقضي بؤس الإنسان في الحقيقة؟ في عدم شعوره بالأمان قبل كل شيء؛ في مواطن الريبة والشكوك التي تُرهقه بثقلها؛ في القيود التي تقمعه؛ في انعدام الحرية الذي يكبّله؛ في الألم الذي يجعل الحياة كريهة في ناظرَيه. وفي نهاية الأمر، وخلف كل هذه الأمور، في فراغ وجوده من أي معنى أو مغزى، فيضحي مصدر عدم رضى له ولأي آخر كان ليكون ضرورياً، لا بديل عنه، ومهماً بالنسبة إليه. إذاً يمكننا أن نقول إن بؤس الإنسان يجد جذوره في الوحدة، وفي غياب المحبة- وفي أن وجودي لا يحتضنه حبٌ يجعله ضرورياً، ويكون من القوّة بحيث يبرّره بالرغم من كل الآلام والقيود الناتجة عنه... فما يحتاجه الإنسان هو شركة تتجاوز شركة الجماعة لتبلغ عمق قلب الإنسان وتصمد حتى في وجه الموت. وعلى الوحدة البشرية التي يحتاجها الإنسان بطبيعته أن تعرف كيف تقدّم حلاً لمشكلة الموت التي يفترض أن تجد فيها أصدق تأكيد لها... لا يمكن الإنسان أن يتماثل مع الله ولكن الله قد تماثل مع الإنسان –وهذا فحوى الشركة التي تُقدَّم لنا في سرّ الإفخارستيا. فالشركة التي تقدّم ما دون ذلك لا تقدّم سوى القليل.