السابع من مارس
روما، الجمعة 7 مارس 2008 (zenit.org). – ننشر في ما يلي تأمل اليوم السابع من مارس للبابا بندكتس السادس عشر، من كتاب "بندكتس".
الواجب الأخلاقي من كرامتنا
ليس الواجب الأخلاقي سجناً بشرياً يتعيّن على الإنسان أن ينعتق منه لكي يكون قادراً في نهاية الأمر على القيام بما يحلو له. فالواجب الأخلاقي هو ما يشكل كرامته، وهو لا يصير أكثر حريةً إن تنصّل منه، بل هو على العكس يتراجع إلى مستوى الآلة أو مجرّد شيء. وإن لم يعد من واجب بإمكانه أو عليه أن يؤديه بحرية، فهذا يعني أنه لم يعد من مكان للحرية على الإطلاق. والإعتراف بالأخلاقيات هو الجوهر الحقيقي للكرامة الإنسانية؛ ولكن لا يمكن لأحد التسليم بذلك ما لم يتزامن ذلك مع اختبار للموقف كواجب حرية. فالأخلاقيات ليست سجناً بشرياً بل العنصر الإلهي في الإنسان... ذلك أن الطبيعة ليست –كما يطيب للوضعية العلمية التوتاليتارية أن تؤكّد وتجزم- تركيباً ما أُوجدَ بالصدفة مع قواعد لعبته، بل الطبيعة خلقٌ. إنها خلقٌ يتجلى فيها روح الخالق. لذا، فليس ثمة قوانين وضعية بمعنى الوظائف الفيزيائية وحسب: فالقانون الوضعي الخاص هو قانون أخلاقي بذاته. والخليقة ذاتها تعلّمني كيف أكون إنساناً بالمعنى الصحيح. والإيمان المسيحي الذي يساعدنا على الإعتراف بالخلق كخلقٍ لا يشلّ المنطق منّا، بل هو يعطي المنطق العمليّ الحيّز المناسب الذي ينمو ويتطوّر فيه. إن المثل الأخلاقية التي تعلّمنا الكنيسة إيّاها ليست حملاً أو وزراً خاصاً بالمسيحي دون سواه: إنها وسيلة للدفاع عن الإنسان ضدّ محاولة إلغائه. وإن كانت المثل الأخلاقية- كما سَبَقَ ورأينا- ليست استعباداً للإنسان بل تحريراً له، فإن الإيمان المسيحي هو الموقع المتقدّم في ساحة الحرية الإنسانية.